تفريغ صوتي [سلسلة النصائح الرمضانية لعام ١٤٤٥ه بعنوان: لكي تكون رفيعًا كن!! النصيحة الأولى ((كن مسلمًا))]
📚تفريغ صوتي
[سلسلة النصائح الرمضانية لعام ١٤٤٥ه بعنوان: لكي تكون رفيعًا كن!! النصيحة الأولى ((كن مسلمًا))]
▪ للشيخ أبي محمد عبد الحميد الحجوري الزعكري حفظه الله.
🗓 الاثنين ١ / رمضان / ١٤٤٥ه
📌 الحمدالله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم تسليمًا كثيرًا
أما بعد؛
ففي ظهيرة هذا اليوم الاثنين الأوَّل من رمضان لعام خمسة وأربعين وأربعمائة ألف من هجرة النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام، نشرع فيما عزمنا عليه من السلسلة العلمية والنصائح الدعوية، التي هي بعنوان: [ لكي تكون رفيعًا فكن ].
والرِّفعة عباد الله مطلوبةٌ شرعًا وقدرًا؛ فإنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يرفع عباده المؤمنين على غيرهم في دنياهم وأخراهم، وجميع البشريَّة يتمنَّى أحدهم أن يكون رفيعًا على غيره، هذا يري الرِّفعة في المال، وهذا يرى الرِّفعة في الجاه، وذاك يرى الرِّفعة في الجمال، وذلك يرى الرِّفعة في كثرة الرجال، والناس تتفاوت رُآهم على قدر ما في قلوبهم، بينما الرِّفعة الحقيقيَّة هي رفعة أهل الإيمان، كما قال الله عزَّ وجلَّ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ ١١﴾ [ المجادلة: ١١]؛فهذه هي الرِّفعة.
قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»، هذه هي الرِّفعة.
قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا »، هذه هي الرِّفعة.
وأمور الرِّفعة الشرعيَّة الموصلة إلى مرضاة ربِّ البريَّة كثيرة نجملها فيما يأتي:
أوَّلها: (( الإسلام ))
الإسلام عباد الله دين الرِّفعة دين العزة دين النصر والتمكين، كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: « بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالنَّصْرِ، وَالْعِزِ، والسَّنَاءِ، وَالرِّفْعَةِ، وَالتَّمْكِينِ ».
فهو دين عظيم، يُرْفَع أهله على غيرهم في دنياهم وأخراهم؛ فلا يُقْتَل مسلمٌ بكافر، والمسلم خير من ملئ الأرض من الكافرين، ﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ كَٱلۡمُجۡرِمِینَ ٣٥ مَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٦﴾. [ القلم:٣٥-٣٦].
دين الإسلام الذي امتنَّ الله به على الأنام، فأعرض عنه أكثرهم، وصاروا أسوأ من الأنعام، فعليك أن تأخذ به ﴿ إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُۗ ١٩ ﴾، [ آل عمران: ١٩ ]، ﴿وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ ٨٥ ﴾ [آل عمران: ٨٥]،﴿هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ مِن قَبۡلُ ٧٨ ﴾. [الحج: ٧٨].
إبراهيم يوصي أبناءه بالإسلام، ويعقوب يوصي أبناءه بالإسلام، وموسى يدعو بني إسرائيل إلى الإسلام، وعيسى يدعو الناس إلى الإسلام، وآخرهم محمد صلَّى الله عليه وسلَّم دعا إلى هذا الدِّين العظيم، وإلى هذا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا.
لا يدخل الجنة إلَّا المسلمون لا يقبل الله عزَّ وجلَّ من عامل عملًا إلَّا أن يكون مسلمًا ﴿ إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ ٢٧ ﴾ [ المائدة: ٢٧].
وهذه ألفاظ يدخل فيها أهل الإسلام.
نعم عباد الله؛ فإذا أردت أن تكون رفيعًا فاحذر أن تكون يهوديًا، أو نصرانيًا، أو مجوسيًا، أو بوذيًا، أو رافضيًا، أو باطنيًا، أو عابد قبر، من أيِّ طائفة كانت، بل كن كما قال الله عزَّ وجلَّ عن إبراهيم ﴿ حَنِیفࣰا مُسۡلِمࣰا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ٦٧﴾ [ آل عمران: ٦٧ ]، وكن كما قال الله عزَّ وجلَّ لمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿ قُلۡ إِنَّ صَلَاتِی وَنُسُكِی وَمَحۡیَایَ وَمَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ١٦٢ لَا شَرِیكَ لَهُۥۖ وَبِذَ ٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ ١٦٣﴾ [الأنعام ١٦٢-١٦٣].
نعم، إذا أردت أن تكون رفيعًا فتمسَّك بهذا الدِّين العظيم دين الله في الأرض والسماء، دين الإسلام، الذي أرسل الله عزَّ وجلَّ به الرسل، وأنزل الله عزَّ وجلَّ به الكتب، وشرع الله عزَّ وجلَّ من أجله الجهاد، وأكرم الله عزَّ وجلَّ أهله في الدارين في الدنيا والآخرة.
المسلمون شأنهم عند الله عظيم، ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون هذا الأمر، ولذلك يُفرِّطون ويَضعُفُون ويكسلون ويفترون، ولو عَلِموا عظيم رفعة الإسلام لأهله لما كسلوا.
الإسلام جعل بلال الحبشيِّ من سادات الأمَّة، وجعل صهيب الرُّوميِّ من سادات الأمَّة، وجعل ثابت بن قيس شمَّاس الذي كان ذميم الخلقة من المُبَشَرِّين بالجنة.
الإسلام كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم «يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» من الذنوب والمعاصي إذا حقَّقه الإنسان على الوجه المطلوب.
الإسلام سبيل الوصول إلى دار السلام كما جاء في عدة من الأحاديث « يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ صُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ»، وفي الحديث الآخر: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ »، « دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِيْ الْجَنَةَ ، قَالَ: تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وتُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوْبَةَ، وتُؤَدِّي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ».
الإسلام شأنه عظيم، لا يبقى في النار من أهله أحدٌ عند قول الله عزَّ وجلَّ ﴿ رُّبَمَا یَوَدُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡ كَانُوا۟ مُسۡلِمِینَ ٢﴾ [الحجر: ٢] يأذن الله عزَّ وجلَّ بالشفاعة فيخرج مَن كان مِن أهل الإسلام من النار، ولا يبقى إلَّا الكفار الذين وجب عليهم الخلود.
فاعرفوا عظمة الإسلام تُرْفَعُوا في الدنيا والآخرة، وعَظِّمُوا الإسلام تَعْظُمُون في الدنيا والآخرة، وخذوا بالإسلام يأخذ بكم الله إلى دار السلام، وإلى جوار السلام، وإلى عظيم الإكرام والإنعام.
وقد أخبر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن طائفة من المسلمين أنَّهم يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، صورهم على صورة القمر ليلة البدر، وأنَّ أهل الجنة يتراءون الغرف أهل الغرف كما يتراءى الكوكب الدُّري الغابر في السماء، رفعة لأهل الإسلام بخلاف أهل الكفر والإجرام فإنَّهم في الدَّرك الأسفل من النار، ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ فِی ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِیرًا ١٤٥﴾ [النساء ١٤٥].