فهذه خطبة جمعة مفرغة بعنوان:*«تحذير الأمة الإسلامية من أعمال الجاهلية» *
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فهذه خطبة جمعة مفرغة بعنوان: *«تحذير الأمة الإسلامية من أعمال الجاهلية» * إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق ثقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم دنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وإنما توعدون لآت وما انتم معجزين عباد الله! من يطع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد رشد ومن يعص الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد غوى. بُعث النبي صلى الله عليه وسلم في قوم يعبدون الأصنام، ويأكلون الميتة، ويأتون الفواحش، ويقطعون الرحم، ويسيئون الجوار، ويظلم القوي منهم الضعيف. هذا بعض حال الناس قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا تأملنا لحال الناس في زمننا هذا نجد أن الكثير منهم إلا ما رحم ربي وقليل ما هم؛ على خلاف هذا الوصف. دعك من الكافرين الذين قد ظهر كفرهم وتميّز شرهم؛ ولكن من قوم يقولون لا إله إلا الله. تعلقت قلوبهم بقبور قد تبدد ما فيها وبأضرحة، يعجز عن نفع نفسه وتعلق بسحرة وبمشعوذين، وبكهان وبعرافين. فلا تعجب إذا رأيت الظلم قد نزل بالأمة. انتشر القتل والقتال، سفكت الدماء، وانتهكت الأعراض، وسرقت الأموال، وغلت الأسعار، وتقطعت أواصر الرحم، وحصل سوء الجوار إلى غير ذلك من حال الناس. نسأل الله السلامة والعافية. وإن كانت قد ذهبت الجاهلية الكلية الجهلاء، فقد بقيت من أعمال الجاهلية في أوساط الأمة الإسلامية.ما يحتاجون معه إلى مراجعة أنفسهم، وإلى معرفة ما دعا إليه نبيهم صلى الله عليه وسلم. النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من أمور الجاهلية من العصبية، ومن القتال للعصبية، ومن النوح، ومن الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والدعاء بدعو الجاهلية. النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من سفك دمائنا لأنها أفعال جاهلية، حذرنا من أخذ أموالنا بالباطل لأنها أفعال جاهلية، حذرنا من انتهاك أعراض بغضنا لبعض لأنها أفعال جاهلية. ولذلك قام في أعظم موقف كان له صلى الله عليه وسلم يقول ” إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا“ وقال في ذلك الموقف” كل أمر الجاهلية أضعه تحت قدمي“ فما قبض النبي صلى الله عليه وسلم حتى وضع أمر الجاهلية تحت قدمه. فيا معاشر المسلمين إذا أردتم العز والتمكين والرفعة والنصر المبين والتخلص مما نزل وحَلَّ فما عليكم إلا بالعودة إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فعله لاستئصال الجاهلية ولوعد الجاهلية.
فالعلم العلم إلزموه، واحرصوا على تحصيله من أهله فإنه أول ما نزل لحرب الجاهلية، أول أمر أنزله الله عز وجل لحرب الجاهلية التي أضعفت الأمة العربية، ولم تكن لهم دولة حتى تخلصوا من الجاهلية ثم انتشرت الدولة الإسلامية إلى أصقاع الأرض شرقا وغربا، وجنوبا وشمالا. وخرجت من الجزيرة حين تركوا الجاهلية الجهلاء. فأول ما أنزله الله عز وجل {اقرأ}. فمن أراد أن يرفع عن نفسه الجاهلية، وأن يرفع من المجتمع ما فيه من الجاهلية، وأن ينتصر على أهل الجهل والجهالات من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين والمنافقين؛ فعليه بلزوم هذا الغِرْز العظيم. اقرأ القراءة. القراءة للتوحيد، القراءة للعقيدة، القراءة للعبادة. كثير من المسلمين الآن لا يقرأون. ولذلك تسلطت عليهم الأفكار المخالفة لدين الإسلام. فيا عباد الله اقرأوا، واعملوا وادعوا وحاربوا الجاهلية بانواعها. فإن الله عز وجل بعد أن أمرنا بالقراءة أمر بحرب الجاهلية، والقيام عليها، والتّنَكُّر لها. فأمر نبيه وهو الواحد لا ثاني له بقوله: {يا ايها المدثر قم فاندر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر} أَمرَهَ بحرب الجاهلية ولم يكن له نصير، ولم يكن له معين، ولم يكن له ظهير؛ ولكنه قام مستعيناً بالله، ومعتصما به، ومتوكلا عليه، فنصره الله على الجاهليين وعلى المخالفين لدين رب العالمين. مكروا به لقتله فخسروا وخابوا، مكروا به لسجنه فخابوا وخسروا، مكروا به لطرده فخرج من بينهم مهاجرا ونصره الله عز وجل بالمهاجرين والانصار. عباد الله إذا أردنا الرفعة للأمة حكاما ومحكومين، أفْراداً وجَماعة، عرباً وعجماً، من المسلمين فعلينا أن نكون حرب على الجاهلية بألسنتنا، بقلوبنا، بأيدينا إن استطعنا. لا نتعانى عن حربها أبدا. قال النبي صلى الله عليه وسلم ”الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم“ تُحارَب كلّ أفعال تُخالف دين الله وشرع الله، ونرجو ونؤمل النصر والتمكين من الله عز وجل. { إن ولي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين } والصالحون هم العالمون، العاملون الداعون إلى دين الله عز وجل هم الداخلون ابتداء في هذا المعنى العظيم الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة. عباد الله قد لا يخلو امرئ منا من أمر من أمور الجاهلية؛ فعلينا أن نحارب هذه الأمور مخالفة لشرع الله. في أنفسنا ابتداءاً، في أزواجنا، في أبنائنا، في جيراننا، في مُجتمعنا الذي نحن فيه، في أمتنا المسلمة. كلٌّ بقدر استطاعته، وبقدر ما أعطاه الله عز وجل. أبو ذر رضي الله عنه من خُلص المؤمنين، ومن خيرة الموحدين بل جاء في قصته أنه كان يصلي لله قبل أن يُسلم بثلاث سنوات. قبل أن يدخل في الإسلام وهو يصلي لله ثلاث سنوات. قيل له يا أبا ذر كيف كنت تفعل؟ قال كنت أصلي من الليل إلى أي جهة كانت ما شاء الله ثم انام حتى تلفحني الشمس. ومع ذلك قال لبعض المسلمين من ذوي البشرة السوداء عَيّره بأمه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ”أعيرته بأمه؟ إنك امرؤٌ فيك جاهلية“ حين قال يا رسول الله من سب الرجال سبوا أباه وأمه قال: ”إنك امرؤ فيك جاهلية“ فكان أبو ذر بعد ذلك يكرم العبيد والإماء، ويحسن إلى الضعفاء امتثالا لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلص من هذه الخصلة. ووقع بين المهاجرين والأنصار ما وقع حتى قال المهاجري: يا آل المهاجرين، وقال الأنصاري: يا آل الأنصار. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال:” أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنها منتنة“. دعوى الجاهلية، أفعال الجاهلية، اخلاق الجاهلية، معتقدات الجاهلية أَنتَن من جِيفةِ الحمار. فلذلك يسعى الإنسان في إصلاح عقيدته، في إصلاح توحيده، في إصلاح عبادته، في إصلاح أقواله، في إصلاح أفعاله. {وقل لعبادي يقول التي هي أحسن} قولا وفعلا إذا سلكوا هذا المسلك تخلصوا من تلك الافعال الذميمة، وتلك الاخلاق التي تخالف الفطر المستقيمة. قال النبي صلى الله عليه وسلم” خصلتان في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن؛ الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب“ وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أمر الجاهلية الاستسقاء بالنجوم والانواء. ومن أمر الجاهلية لبس لبسة الكفار. فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن عمرو بن العاص ثوبا معصفرا فقال” أمك أمرتك بهذا؟ قال يا رسول الله أو أغسله؟ قال احرقه إنه من لباس الكفار. فما كان من أمر الجاهلية ينبغي لنا أن نكون في بعد عنه. ومن ذلك المعاملات الربوية في البنوك في الصرافات عند البيع عند الشراء عند المداينات؛ فإنها من إمر الجاهلية. ولذلك وضع النبي صلى الله عليه وسلم ربا الجاهلية وقال أول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب، لأنه كان يرابي في الجاهلية. ومن عادة أهل الجاهلية؛ انتشار الزنا، والخنا، والاختلاطات، وتبرجات. ولذلك جاء الإسلام بمنع ذلك فقال الله عز وجل لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وهو أَمْرٌ لجميع نساء المؤمنين في كل زمن وحين: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} نهى الله عز وجل عن التبرج الذي هو من أعمال الجاهلية. ولو تأملتم أسواقَ كثير من المسلمين، ومدارس كثيرا من المسلمين، وجامعات كثير من المسلمين؛ تجدون فيها تبرج الجاهلية الذي بسببه انتشر الزنا والخنا وهُدِّمت الأسر والله المستعان. الخطبة الثانية الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وصفيه ومجتباه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد: إن هذه الخصلة الذميمة لا يمكن أن يتخلص منها المؤمنون والمسلمون والأمة إلا بمعرفة عظيم شأن حملة الدين الذين ناصروا النبي الكريم، وقاموا معه باموالهم، وقاموا معه بانفسهم، وقدموا طاعته على حظوظ شهواتهم؛ إنهم الصحابة الكرام، والأئمة الأعلام. الذين زمنهم هو الزمن الذهبي للعمل بالاسلام، ولتحقيق الاسلام ظاهرا وباطنا. ولذلك ما من مبطل من المبطلين من اليهود والنصارى، والمنافقين، والمستشرقين ومن إليهم من الحداثيين، ومن الباطنين، ومن الرافضة إلا وسبيلهم الطعن في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم. قال هارون الرشيد لبعض الزنادقة “ما حملكم على الطعن في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال لأنهم حملت الإسلام فإذا هدمنا الأساس سهُل علينا هدم بقية الدين أو كما قال. فلذلك إذا أردنا التخلص من أمور الجاهلية أجمعِها فما علينا إلا أن نعرف حق الصحابة والقرابة، وأن نأخذ بسبيلهم في التمسك بكتاب ربنا وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم. كيف ذلك؟ أولئك كانوا يسارعون في الخيرات، كانوا يحرصون على العلم، كانوا يحرصون على البذل، كانوا يحرصون على نصرة الاسلام.، كانوا يبادرون إلى كل فضيلة، ويبتعدون عن كل رذيلة بدون اعتراض. الآن تجد كثيرا من المسلمين من المصلين من المصلين تأمره بأمر نبوي؛ ربما يحتاج إلى سَنة او سنتين أو ثلاثة أوعشر لتطبيقه، هذا إن طبقه، ويعتذر بالاعتذارات. بعضهم مع شهوة، وبعضهم مع شبهة، وبعضهم مع نزوة وهكذا. أما أولئك كانوا في صلاة الفجر في قباء في الركعة الثانية وهم ركوع، تصور هذا الموقف؛ في الركعة الثانية وهم ركوع ويقول لهم قائل ”إن القبلة قد حُوِّلت“ فمالوا كما هم وهم ركوع، والقبلة كانت عكس اتجاههم تماماً. لأنهم كانوا يصلون إلى الشام فانحرفوا إلى اليمن. ما انتظروا حتى يقوم من الركوع، ما انتظوا حتى تنتهي الصلاة. مبادرة، مسارعة. ولذلك رُفِعُوا، ولذلك أبغضهم المبغضون من الزنادقة والمنافقين. فلابد لنا أن ندفع عنهم، ولابد لنا أن نحبهم، ويجب علينا محبتهم وجوبا، ويتعين علينا الترضي عنهم والدعاء لهم. كما قال الله عز وجل: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقون بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا} فهؤلاء هم أصحاب الطريق السوية، الطريق المرضية. ما حصل الخلل في الأمة المحمدية سواء في أخلاقها، في توحيدها، في عقيدتها، في عبادتها إلا حين أهملوا سبيل هؤلاء {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه} {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} والمؤمنون في هذه الآية هم الصحابة ومن سلك مسلكهم من الموحدين من الطائعين لرب العالمين. جنبنا الله وإياكم مضلات الأهواء والفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله رب العالمين.
الدلجة في الحث على صالح العمل في عشر ذي الحجةتنزيل مشاركةاضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على... الدلجة في الحث على صالح العمل في عشر ذي الحجة.pdf اقرأ المزيد
خطبة الجمعة مع المحاصرةتنزيل مشاركةاضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على Telegram (فتح في... 🌴خطبة جمعة مع محاضرة في تتمة خطبة تحذير الأمة الإسلامية من أعمال الجاهلية🌴 اقرأ المزيد
المحبة في الله وآثارهاتنزيل مشاركةاضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على Telegram (فتح في... المحبة في الله وبعض آثارها اقرأ المزيد