📒#فوائد_رمضانية_لعام_1441_هـ
▪️للشيخ أبي محمد عبد الحميد الحجوري الزُّعكري حفظه الله.
📒فتح الخلاق ببيان جمل من محاسن ومساوئ الأخلاق.
♻️ الفائدة 4_ *التوحيد والشرك. *
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
في هذا اليوم ٥ / من رمضان / لعام ١٤٤١.
نذكر أمرين على أحدهما مدار سعادة العبد في الدنيا والآخرة.
وعلى الآخر مدار شقاوة العبد في الدنيا والآخرة.
ألا وهما التوحيد والشرك.
التوحيد الذي من أجله خلق الله الخليقه، قال الله عز وجل: *﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) ﴾*. التوحيد الذي من أجله أرسلت الرسل، أنزلت الكتب، قال الله عز وجل: *﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ ﴾*
وقال الله عز وجل: *﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) ﴾*. التوحيد الذي من أجله شرع الله عز وجل الجهاد، قال الله عز وجل: *﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩) ﴾*. التوحيد الذي هو رأس الفضائل، قال النبي ﷺ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم * «الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شُعْبة، فأفضلُها قولُ: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعْبة من الإيمان» *. التوحيد الذي من مات وهو يعله دخل الجنة، قال الله عز وجل *﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ ﴾* وعنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: * «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله دَخَلَ الْجَنَّةَ» *. أخرجه مسلم. التوحيد الذي هو أعظم ما يؤدي إلى شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في العبد، بل لا شفاعة لغير موحد، قال الله عز وجل: *﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) ﴾*. وفي حديث: أبي هريرة رضي الله عنه عند “البخاري” قَالَ: يا رَسولَ اللهِ مَن أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتِكَ يَومَ القِيَامَةِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: *«لقَدْ ظَنَنْتُ يا أبَا هُرَيْرَةَ أنْ لا يَسْأَلُنِي عن هذا الحَديثِ أحَدٌ أوَّلُ مِنْكَ لِما رَأَيْتُ مِن حِرْصِكَ علَى الحَديثِ أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللهُ، خَالِصًا مِن قَلْبِهِ، أوْ نَفْسِهِ» *.
التوحيد الذي لا يدخل الجنة إلا أهله، في “صحيح مسلم” عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي: *«وَالذِّي نَفْسِي بِيَدِه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ» *. مبدأ الدعوة إلى التوحيد، كان رسول الله ﷺ يسير في الأسواق ذي المجاز يعرض نفسه على قبائل العرب يقول: *«يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» *. قَالَ رسُولُ الله ﷺ: *«أُمِرتُ أَنْ أُقاتِل النَّاسَ حتَّى يَقُولُوا لاَ إِلهَ إِلاَّ الله فَمَنْ قَالهَا، فقَدْ عَصَمَ مِني مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّه، وَحِسَابُهُ عَلى الله» * متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنه.
وقال النبي ﷺ: *«مَن قالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بما يُعْبَدُ مَن دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ علَى اللهِ» *.
التوحيد حسنته لا تحبط إلا بالشرك، وإلا فهو أعظم حسنة، كما في حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: *«إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَسْتَخْلِصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ قَالَ: لَا، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَلَكَ عُذْرٌ، أَوْ حَسَنَةٌ؟ فَيُبْهَتُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: لَا، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً وَاحِدَةً، لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ، فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ، فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: أَحْضِرُوهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، قَال: فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، ولَا يَثْقُلُ شَيْءٌ معَ اسْمِ اللهِ» *
التوحيد أصحابه هم الكرام، *﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾*. أصحابه هم أولياء الله، *﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) ﴾*. أصحابه هم المقربون من رب العالمين وهم الموعودون بجنة النعيم، *﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) ﴾*، *﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١) ﴾*. من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. وفي حديث عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: *«مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَىٰ عَبْدُ اللهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ الله مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ» *.
وفضائله عظيمة فهو حق الله المقدم وحقه المعظم، كما في حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ. قَالَ: فَقَالَ: *«يَا مُعَاذُ! أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله؟» * قَالَ قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: *«فَإِنَّ حَقَّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللهِ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» * قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَفَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: *«لاَ تُبَشِّرْهُمْ. فَيَتَّكِلُوا» *.
نعم، فشأن التوحيد عظيم، قال النبي ﷺ: *«مَن ماتَ لا يُشْرِكُ باللهِ شيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن ماتَ يُشْرِكُ باللهِ شيئًا دَخَلَ النَّارَ» *.
فعلى الإنسان أن يتعلم هذا الباب العظيم: باب التوحيد. وأن يكون موحدا لله بقلبه، وبقوله، وبجوارحه، وبجميع شأنه، فإن الله عز وجل أمر بهذا *﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾*، *﴿ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (٢) أَلَا لِلهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ ﴾* وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: *«قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي» *. فالله عز وجل لا يقبل من الأعمال إلا ما كان له وحده، *﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤) ﴾*. راقب أقوالك، ربما تتكلم بمخالفة التوحيد وأنت لا تدري. النبي صلى الله عليه وسلم سمعهم يقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فغضب عليهم ونصحهم وأمرهم أن يتركوا ذلك. كثير من الناس يقول “والأمانة” والنبي ﷺ يقول: *«مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» *. رواه أبو داود في “سننه”.
راجع اعتقاداتك ليكن اعتمادك على الله، وتوكلك على الله، ورجاءك في الله، ورغبتك في الله، وجميع ما يتعين عليك لله. *﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) *.
راجع أفعالك من صلاة وحج وطواف وذبح ونذر. يجب أن تكون كلها لله عز وجل لا يجوز أن يشرك معه غيره لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا.
وأما الشرك فشأنه عظيم، قال الله عز وجل: *﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (٧٢)﴾*، *﴿وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)﴾*، قال الله عز وجل: *﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ ﴾*، قال الله عز وجل: *﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ﴾*، وقال الله عز وجل: *﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)﴾*.
فالشرك أعظم ذنب عصي الله عز وجل به، ولذلك لا يغفره ولا يتجاوز عن أهله إلا بتوبة نصوحا، قبل موتهم. قال الله عز وجل: *﴿ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (٧٢) ﴾*.
وسئل النبي ﷺ كما في حديث ابن مسعود: يا رسول الله! أيُّ الذنبِ أعظمُ قال: *«أن تجعلَ للهِ نِدًّا وهو خلقكَ» *. قال الله عز وجل: *﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) ﴾*.
فالشرك أردى أهله، في الدنيا والآخرة.
أما في الدنيا فهم شر البرية، *﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَ ارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) ﴾*، *﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩) ﴾*. يأكلون ويتمتعون كما تأكلوا الأنعام والنار مثوا لهم. فهم في الدنيا كالأنعام السائبة التي لا تعرف لنفسها مصلحة ولا مضره ولا يهمها إلا أن تأكل وتشرب وتتنعم. نعم.
وهم في الآخرة في النار *﴿ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩) ﴾*، *﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١) ﴾*، قال الله عز وجل: *﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (٨) فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى (١٣) ﴾*.
فالأشقى هو الكافر يصلى النار الكربة العظيمة ثم لا يموت فيها ولا يحيى، *﴿ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ (٣٧) ﴾*.
والشرك قسمان: أكبر يخلد صاحبه في النار، وأصغر يستوجب صاحبه النار ولا يمكن أن يدخل الجنة حتى يعذب على شركه وخطئه الذي ارتكبه هذا في حق الأصغر. أما الأكبر صابحه يخلد في النار. كما أخبر الله عز وجل، وهو معلوم من الدين ضرورة.
وقد استكبر الكفار عن قول لا إله إلا الله *﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) ﴾*. والمشكلة أن الشيطان جعل طرقا إلى الشرك يظن بها العباد. فعظم لهم شأن الصالحين، وجعل تشهيد القباب، وزيارة القباب، والطواف بها، والدعاء لها، والنذر لها من التوحيد، ومن تعظيم الأولياء وما هو إلا مخالفة صريحة لدين رب العالمين ولأمر سيد المرسلين ﷺ إذ يقول لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: *«لا تَدَعَ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ» *، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ: *«لا تجعلوا قَبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتَكُم تبلغُني حَيثُ كنتُمْ» *
وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: *«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» *. يحذر ما صنعوا، هذا إذا كنت تصلي عند القبر لله وتذبح لله وتنذر لله فأنت متشبه بهؤلاء الملعونين، فكيف بمن صلاته للقبر، حجه للقبر، نذره للقبر، دعائه للقبر، خوفه من القبر، ونذره لأمواله المحبوبة إليه للقبر، وذبيحته للقبر، هذا مشرك شرك أكبر مخرج من الملة.
وقد انتشر هذا البلاء في بلاد المسلمين، فينبغي للمسلمين أن يتعلموا التوحيد، وأن يحذروا الشرك، والكفر، والتنديد، فإنه والله لا رفعة لهذه الأمة ولا سعادة إلا بتعظيم حق رب العالمين، والبعد عن طرق الشياطين، والله المستعان.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
الحمد لله رب العالمين.