القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [١٧.٠٧.٢٠ ٠٧:٥٧]
📒#فوائدرمضانيةلعام1441هـ
▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الحجوري الزُّعكري حفظه الله.
📒فتح الخلاق ببيان جمل من محاسن ومساوئ الأخلاق.
♻️ الفائدة 26- الشفاعة الحسنة و الشفاعة السيئة.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
في هذا اليوم الثاني من شوال لعام 1441هـ وتتمة لما كنا قد شرعنا فيه في رمضان بذكر بعض الأخلاق الحسنة وما يضادها من الأخلاق السيئة فتذكر الحسنة ليبادر اليها ويعمل بها ويدعى اليها وتذكر السيئة لتحذر وينفر عنها ومنها ” فبضدها تتبين الأشياء ” “وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ”.
وحذيفة رضي الله عنه يقول: ” كنت اسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر وكان الناس يسألونه عن الخير”.
ومن هذه الأخلاق الجميلة العظيمة الجليلة هي الشفاعة في قضاء حوائج المحتاجين وضدها المنع لذلك أو الشفاعة السيئة.
قال الله عز وجل:
﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ﴾[النساء:85]
فالشفاعة الحسنة بقضاء الحوائج وتيسير الأمور تعتبر من الأمور الممدوحة فكم من إنسانٍ يحتاج إلى شفاعة هذا في زواجٍ وهذا في دينٍ أو قضائه وذاك في بناءٍ وذلك في غير ذلك من المسائل.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا جاءه احدٌ يسأله التفت إلى أصحابه وقال:
« اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ علَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ما أَحَبَّ ».
يعني أنت لا تخسر شيء اذا شفعت بجاهك أو مالك أو قولك أو فعلك لأن الناس يختلفون ما كل إنسان يقبل الآخر فربما لو ذهب بعضهم الآن إلى دكان يريد شيئاً يقول له صاحب الدكان: ما استطيع أدينك ؛ لا استطيع أن أعطيك لكن لو جاء أخر يقول له أعطه وهو في وجهي أو ضمانتي أو تصدق عليه أو أعنه هذا من أوجه الخير فإنه اذا أطاعه في ذلك كان له اجر عظيم من تفريج الكربة وقضاء الحاجة وان لم يطعه في ذلك كان قد قام بما يستطيع من عون أخيه المسلم.
« واللهُ في عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عَونِ أخيهِ »
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل عن الرجل الذي في المجلس كما في حديث سالم بن سعد رضي الله عنه انه نظر إلى رجلٍ في المسجد فقال لرجلٍ بجانبه ما تقول في هذا قال : هذا رجلٌ من عظماء العرب حريٌ إن قال أن يسمع لقوله وان خطب أن يزوج وان شفع أن يشفع ونظر إلى أخر وقال ما تقول في هذا? قال: هذا رجل من ضعاف المسلمين حريٌ إن قال ألا يسمع لقوله وان خطب ألا يزوج وان شفع ألا يشفع.
فالناس يختلفون من حيث الوجاهات وسماع الأقوال فإذا كان الله قد جعل لك قبولاً فبذل هذا القبول في تفريج حوائج المسلمين فيما دق وجل وفيما صغر وعظم ؛ النبي صلى الله عليه وسلم حين فارقت بريرة مغيثا جعل يشفع عندها في العودة إليه حتى قال لعمه العبَّاس:
« يا عَبَّاسُ، ألَا تَعْجَبُ مِن حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، ومِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو رَاجَعْتِهِ قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قالَ: إنَّما أنَا أشْفَعُ قالَتْ: لا حَاجَةَ لي فِيهِ».
فالشفاعة غير ملزمة ولكنها دلالة وتوجيه وإرشاد اذا كانت في الخير إلى الخير ولما اختلف ابن أبي حدرد رضي الله عنه مع كعب بن مالك رضي الله عنه في الدين الذي عليه وارتفعت أصواتهما في المسجد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« يا كَعْبُ، فَقالَ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، فأشَارَ بيَدِهِ أنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فَقالَ كَعْبٌ: قدْ فَعَلْتُ يا رَسولَ اللَّهِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُمْ فَاقْضِهِ » الحديث الصحيحين.
الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى ما نزل بابن أبي حدرد من الحاجة في الدين الذي لحقه شفع في إسقاط بعضه كما شفع عند ابن أبي في المبادرة إلى ما وجب عليه وتعين انتهاء الخصومة.
وكم هي المواقف النبوية في هذا الباب فمن كان له جاهٌ أو مالٌ أو قولٌ فليبذله في مصالح المسلمين فإن ذلك من أسباب رفعته وعلو منزلته وقضاء حاجته وتيسير أمره فالجزاء من جنس العمل.
وقد كان معاوية رضي الله عنه أميراً للمؤمنين فكان يأتيه طالب الحاجة فيؤخرها ويقول لمن حوله اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا ».
فالشاهد أن الإنسان يبذل ما استطاع به إدخال السرور على المسلمين والناس تتفاوت في قبول وجوهها وقبول كلماتها ولا تشفع في الشر ؛ لا تشفع في شراء الخمر أو المخدرات أو القات لا تشفع في الشرور التي تلحق الناس فإن هذا يلحقه من الضرر بقدر ما يلحق الآخر فهما شريكان في الإثم شريكان في الوزر نسأل الله السلامة والعافية.
ولذلك قال لهم ﴿ وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ﴾
نصيب وحظ
القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [١٧.٠٧.٢٠ ٠٧:٥٧]
ووزر وإثم فسخر قولك وفعلك وما يتعلق بك في تفريج كربات المسلمين وإصلاح شأن المسلمين وابتعد عما يؤدي إلى الحاق الضرر والخطر بالمسلمين فإن ذلك يضره والناس كما قلت لكم يحترمون الكثير ويتنكرون للكثير فلو جاءك رجلٌ في طلب حاجة فلا تبخل بوجاهتك ولا تبخل بكلمتك.
والشفاعة شأنها عظيم حتى في الآخرة جعل الله عز وجل الشفاعة إليه:
﴿ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾[البقرة:255] ؛ ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ﴾ [الأنبياء:28].
واكرم الله بالشفاعة عنده خيرة الخلق وأزكى الخلق وفي الحديث :
« يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ».
فيكرم الله عز وجل الناس يوم القيامة لاسيما المؤمنين بشفاعة الشافعين من المؤمنين فكم ترفع من درجات وكم تكفر من سيئات وكم يخرج من الدركات بسبب الشفاعة وأشهرها وأظهرها الشفاعة العظمى في الفصل بين العباد قال الله عز وجل في وصف محمدٍ صلى الله عليه وسلم وفي الوعد له:
﴿ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾[الإسراء:79]
وكان المقام المحمود هو الشفاعة العظمى للقضاء بين العباد ثم تتلوها الشفاعة في إخراج أصحاب الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من النار.
قال فآت ربي فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول اخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن حبة خردل من إيمان وفي قلبه وزن ذرة من إيمان إلى غير ذلك فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويخرجهم من النار.
فأمورٌ عظيمة تلحق المؤمنين في الدنيا والآخرة بسبب الشفاعة ولهذا كان من دعاء المؤمنين:
اللهم ارزقني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.
الشفاعة شأنها عظيم ؛ منزلتها رفيعة فبذل نفسك في نفع غيرك مما هو من أمور الخير والصلاح وامنع نفسك من الشفاعة في الباطل وأهل الباطل والله المستعان.
واني لأذكر مسألةً من باب العظة و العبرة لا من باب العجب والرياء بإذنه سبحانه وتعالى وذلك أني لما وصلت إلى دماج في منتصف سنة 1418هـ وأظنها في أخر جماد الثانية أردت من يشفع لي عند الشيخ مقبل فكان اكثر الأخوة يعتذرون ويتهيبون من الشفاعة عند الشيخ رحمه الله وذلك لأنه كان قد أعطى شرطاً بمنع أصحاب العوائل من الحضور بعائلاتهم حتى يقع منهم الاستئذان وكنت قد أتيت دماج بغير هذا الأمر فتهيب الأخوة من ذلك وجعلت امر عليهم ويعتذرون ثم إني أتيته رحمه الله وسلمت و استأذنت فرحب وأهَّل وبعدها بحمد الله ما تركت باباً اشفع عنده أو عند خليفته بعد موته لأخواني إلا وسلكت هذا المسلك حتى أن بعضهم مرة من المرات غضب من شفاعتي فقال: أنت تشفع في كل شيء ؛ قلت له : شفاعتي ليست ملزمة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب.
فالشفاعة غير ملزمة ولا يلزم الغضب بسببها قبلك أو ردك فلو شفعت لآخر في زواجه أو في قضاء دين أو تفريج هم أو إصلاح حال ثم لم يقبل منك الشافع ليس لك أن تهجره أو تطعن فيه أو تتكلم فيه أو تحذر منه أو يقع منك المقاطعة له ؛ لا ؛ هي شفاعة إن قبلت فلك أجر وإن ردت فلك أجر انك سعيت في قضاء حوائج المسلمين.
والله المستعان وعليه التكلان والحمد لله رب العالمين.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃