القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٦.٠٧.٢٠ ٠٧:٣٦]
ا صاحب الطيش صاحب العجلة يكون مستعجلاً في قضاء الذي في ذهنه وربما لحقه الضرر الديني والدنيوي ولذلك قال عمر « إياك وعثرات الشباب» لان الشباب اكثر عجلة من الشيوخ ؛ الشيوخ قد ذهبت منهم حظوظ النفس وتعلموا من التجارب فاصبح يستأنِ في كثير من الأمور واضرب لكم مثلاً:
لو أن رجلاً له ولد وهو شاب في مجرد خطأ الولد يضرب ويؤدب وربما أدى ذلك إلى نفرة الولد بينما اذا قد كبر سنة تجد انه يصبر اكثر مما كان يصبر في أوائل حياته فيصبر ويوجه ولا يستعجل في التأديب ولذلك تجد كثير من الفلاح يلازمه.
فالشاهد أن زمن الشباب في الغالب زمن طيش عند كثيرٍ من الناس إلا ما رحم الله سبحانه وتعالى زمن عجلة في جميع شأنه بينما اذا قد كبر ونبل عقله استأنا في كثيرٍ من شأنه وربما حصل له الخير وحصل له الفلاح.
فالله الله أيها الأخوة في العمل بكل شيءٍ بحسبه اذا جاء نداء الله للصلاة نستعجل؛ اذا جاء امر الله بالصيام نستعجل؛ اذا جاء امر الله بالحج نستعجل ؛اذا جاء امر الله بالإنفاق في سبيل الله نستعجل؛ اذا جاء الأمر بالذكر نستعجل لا نسوف؛ أمور الطاعة لا تسوف وتقول في الغد ؛بعدين ؛ بعد كذا « بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ » واحب الأعمال إلى الله « الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا » وجاء في لفظ « في أوَّلِ وَقتِها».
مع أن هذه اللفظة لم تثبت لكن العمل عليها لان الإنسان يبادر بالطاعة ويتقرب إلى الله عز وجل بها وتبرأ ذمته بأدائها بينما اذا تأنى وتأخر ربما فاته الوقت وذهب عليه الخير والصلاة.
بينما في الأمور الدنيوية إياك والعجلة غلب الأناة ؛غلب التأني حتى تنظر إلى العواقب وحتى تنظر إلى الفوائد التي تقع عليك من هذا الأمر فإذا ما سلكنا هذا المسلك رجونا الخير العظيم.
أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الحديبية؛ شأن الحديبية الصحابة رضوان الله عليهم كانوا حريصين على دخول مكة ولو أدى ذلك إلى القتال لحرصهم على الخير وأمناً في الرؤية التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم
﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ ﴾[الفتح:27].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على مصلحة الإسلام والمسلمين فلذلك كاتب الكفار على شروطٍ في ظاهرها مجحفة باهل الإسلام ولكنها مع الصبر والتأني كان فيها نصر أهل الإسلام.
وُقِّعَ الصلح والمسلمون يبكون منه ويتألمون من وطأته وشروطه واذا بربنا عز وجل ينزل
﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾[الفتح:1].
قال عمر يا رسول الله أو فتح هو? قال نعم.
ولذلك كثير من أهل العلم يرى أن الفتح العظيم هو صلح الحديبية لان الكفار اعترفوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وفعلاً ما هي إلا ليال وأيام ويظهر بركة هذا الصلح وهذا التأني الذي حصل من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في دخول مكة تنازل الكفار عن مسألة رد من جاءهم من المسلمين بعدما أوقع فيهم أبو بصير؛ كذلك نسخ الله عز وجل رد المؤمنات إلى الكفار؛ كذلك وقع من الكفار نقض الصلح فكان بعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر أباحها الله عز وجل له بسبب نقضهم لهذا الصلح مكنه الله منهم.
فالأمور الدنيوية نحتاج فيها إلى الأناة كثيراً حتى ننظر إلى العواقب حتى الأمور الأخروية لا يجوز أن تأتي بالصلاة قبل وقتها ولا يجوز أن تعاجل الفطر قبل وقته كما انه لا يجوز أن تؤخر الفطر عن وقته فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر انه ليلة اسري به رأى أناساً معلقين في عراقيبهم تسيل أشداقهم دماً فقلت من هؤلاء يا جبريل? قال هؤلاء الذين يتعجلون الفطر قبل تحلت صومهم.
يتعجلون الفطر قبل تحلت صومهم فيعاقبون بأن تشرشر أشداقهم بهذا العذاب الأليم ويعلقون في عراقيبهم.
فإياك أن تستعجل امر الله قبل وقته وإياك أن تستعجل شعورك قبل وقتها عليك أن تلازم الأناة والحلم والأخلاق الكريمة المقربة من الله عز وجل والتأسي بالنبي صلى الله وسلم والبعد عن وسائل الشيطان في جرجرة الإنسان إلى الفتن.
والله المستعان والحمد لله رب العالمين
🍃🍃🍃🍃🍃