القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٩.٠٧.٢٠ ١٠:٠٩]
📒#فوائد_رمضانية_لعام_1441_هـ
▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الحجوري الزُّعكري حفظه الله.
📒فتح الخلاق ببيان جمل من محاسن ومساوئ الأخلاق.
♻️ الفائدة 20 ــ مجلس ذكر الله والقرب منه ومجلس الزور و البعد عن الله .
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
عباد الله في يومنا هذا الرابع والعشرين من رمضان لعام 1441 هـ نتذاكر حال مجلسين مجلس خير ومجلس شر مجلس هدى ومجلس ضلال ألا وهما:
الجلوس لذكر الله ومع من يذكر بالله والجلوس للزور ومع من يبعد عن الله عز وجل
فهذان المجلسان احدهما يرفع العبد إلى أعالي الدرجات والآخر يضع العبد وربما انزله الدركات والنبي صلى الله عليه وسلم مأمورٌ من ربه كما هو أمرٌ لنا أن تكون المجالسة لأهل الصلاح قال الله عز وجل:
﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا﴾[الكهف:28].
وفي المقابل حذر الله من مجالسة أهل الشر والريب والبدع والضلالات فقال سبحانه وتعالى:
﴿ وَإِذا رَأَيتَ الَّذينَ يَخوضونَ في آياتِنا فَأَعرِض عَنهُم حَتّى يَخوضوا في حَديثٍ غَيرِهِ وَإِمّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيطانُ فَلا تَقعُد بَعدَ الذِّكرى مَعَ القَومِ الظّالِمينَ ﴾[الأنعام:68].
وامر الله عز وجل بشهود الخير وحذر من شهود الزور
﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾[الفرقان:]
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:
« مثَلُ الجلِيس الصَّالِـحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ . كَحَامِلِ المِسْكِ ، وَنَافِخِ الْكِيرِ »
فأنت حين تجالس أهل الصلاح سينالك من طيب حالهم وحين تجالس أهل الطلاح سينالك من سوء حالهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»
ومن جالس جانس فاجعل مجالسك مع أهل الخير التي تزداد بها إيماناً ورفعةً وفي المأثور عن معاذ انه قال: « اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً ».
كانوا يحبون مجالس الصلاح والمجالس التي تذكر بالله عز وجل ويبغضون مجالس الزور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من جلس مجلساً لم يذكر الله ولم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قام عَنْ مِثلِ جيفَةِ حِمَارٍ وفي رواية إلاَّ كانَ عَلَيّهمْ تِرةٌ وحَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فمن الآن يا أخي ليكن جلوسك على الوجه الذي ترفع به عند الله ويقبل عند الله فإن الله يباهي الملائكة بمن يجلس لطاعته لاسيما اذا كان جلوسهم مع الذكر والدعاء والرجاء.
قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح:
إن لله ملائكة سيارة فضلاء يتتبعون حلق الذكر فاذا وجدوا حلقةً تنادوا هلموا إلى بغيتكم فيحف بعضهم بعضا ثم يرجعون إلى ربهم وهو اعلم فيسألهم من أين جئتم؟ قالوا: يا رب جئنا من عند عباد لك يحمدونك ويسبحونك ويقدسونك ؛قال: وهل رأوني ؛ قالوا :لا يا رب ما رأوك ؛ قال: كيف لو رأوني ؛ قالوا: يكونون اشد لك تحميداً وتسبيحاً ومخافة ؛ قال: وماذا يسألوني ؟ قالوا: يسألونك الجنة قال: وهل رأوها ؛ قالوا: لا يا رب ما رأوها؛ قال: كيف لو رأوها? قال: يكونون اشد لها طلباً واعظم عليها حرصاً قال: وما يستعيذونني? قالوا يستعيذونك من النار؛ قال: كيف لو رأوها؛ قالوا: يكونون اشد منها هرباً ومخافة الحديث فقال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله قد غفرت لهم ؛ قالوا يا رب فيهم فلان إنما جاء لحاجة قال الله عز وجل الكريم العظيم الواسع هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
« إِنَّ للَّهِ مَلائِكَةً سَيَّارةً فُضًلاءَ يتَتَبَّعُونَ مجالِس الذِّكرِ ، فَإِذا وجدُوا مَجلِساً فِيهِ ذِكْرٌ ، قَعدُوا معهُم ، وحفَّ بعْضُهُم بعْضاً بِأَجْنِحَتِهِم حتَّى يَمْلأُوا ما بيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا ، فَإِذا تَفَرَّقُوا عَرجُوا وصعِدوا إِلى السَّماءِ ، فَيسْأَلهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ وهُوَ أَعْلَمُ : مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟ فَيَقُولُون: جِئْنَا مِنْ عِندِ عِبادٍ لَكَ في الأَرْضِ : يُسبحُونَكَ، ويُكَبِّرُونَكَ ، وَيُهَلِّلُونَكَ ، وَيحْمَدُونَكَ ، وَيَسْأَلُونَكَ . قال : وماذا يسْأَلُوني ؟ قَالُوا : يَسْأَلُونَكَ جنَّتَكَ . قال : وهَلْ رَأَوْا جنَّتي ؟ قالُوا : لا ، أَيْ ربِّ : قال : فكَيْفَ لو رأَوْا جنَّتي ؟ قالُوا : ويسْتَجِيرُونَكَ قال : ومِمَّ يسْتَجِيرُوني ؟ قالوا : منْ نَارِكَ ياربِّ . قال : وَهَلْ رَأَوْا نَارِي ؟ قالوا : لا ، قال : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي ؟، قالُوا
القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٩.٠٧.٢٠ ١٠:٠٩]
: ويسْتَغْفِرونَكَ ، فيقول : قَدْ غفَرْتُ لهُمْ ، وأَعطَيْتُهُمْ ما سَأَلُوا ، وأَجرْتُهم مِمَّا اسْتَجارُوا . قال : فَيقُولونَ : ربِّ فيهمْ فُلانٌ عبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ ، فَجلَس معهُمْ ، فيقول : ولهُ غفَرْتُ ، هُمْ القَوْمُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ » .
فانظر يا عبد الله إلى عظيم فضل الله على المجالسين في الله ؛ يقول الله عز وجل:
« وَجَبَتْ مَـحبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فيَّ ، والمُتَجالِسِينَ فيَّ ، وَالمُتَزَاوِرِينَ فيَّ ، وَالمُتَباذِلِينَ فيَّ»
مفهوم الحديث أن الله يبغض من كان جلوسه على المعصية وعلى البعد عن الطاعة وعلى الزور نعم أيها المسلم فكلما ازداد الإنسان من مجالسة الخيرين ازداد خيره وكلما ازداد من مجالسة سيئين زاد سوءه وكان المتقدمون يعرفون الرجل بجليسه اذا أعياك الرجل واعياك خلقه فما عليك إلا أن تنظر إلى من يجالس
عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينَهُ * * فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي
وقال بعض السلف من خفيت علينا بدعته لم تخفى علينا الفته يعني اذا اشكل عليك الشخص ما عليك إلا أن تنظر إلى جليسه وأنيسه فإن النفوس تتزاوج.
وقد ذكر ابن القيم وغيره أن بعضهم رأى حمامةً مع غراب فقال كيف هذا لا يصلح أن تكون الحمامة الطائر الوديع الجميل الحلال مع غراب طائر مؤذي محرم امر بقتله قال فلما طار اذا هما يعرجان فعرف سبب المجالسة والمؤانسة فيما بينهما وهي العرجة التي فيهما فإذا كان الطائر قد تأثر بغيره بسبب وجود مثل هذا الأمر فكيف بالإنسان الذي تسرق طباعه فان الطبع يسرق الطبع.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد امتدح المجالس التي هي لله:
«ومَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ من بُيوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كتاب اللَّهِ ، ويتَدَارسُونَه بيْنَهُم ، إِلاَّ نَزَلتْ علَيهم السَّكِينَة ، وغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة ، وَحَفَّتْهُم الملائِكَةُ ، وذَكَرهُمْ اللَّه فيِمنْ عِنده »
فما بالك بمجالس الشر والفساد والمكر والكيد والغيبة والنميمة والكذب والبهت ومجالس النظر إلى الحرام من التلافز والدشوش والمقاطع الفاتنة وسماع الأغاني وكثير من الزور الذي انتشر في البلدان وعم وطم بين المسلمين نسأل الله السلامة والعافية.
فاجعل مجلسك مجلس خير اجعل مجلسك يقربك إلى الله اجعل مجلسك على وفق هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ احضر المحاضرات اسمع الدروس لازم المساجد اجلس مع الصالحين الذين اذا غفلت ذكروك واذا جهلت علموك واذا نسيت نبهوك واذا أخطأت قوموك.
وإياك ومجالسة من تزداد بمجالسته غفلة وبعد ونأي عن الله عز وجل وعن كتابه وعن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم مع حرصه على الخير لا يجلس مجلساً ولا يقرأ قرآناً ولا يصلي صلاة إلا قال:
«سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ »
قيل له في ذلك قال إن كان مجلس خير كان طابعاً عليه وان كان غير ذلك كان كفارة له.
فمن الآن يا أخي اعزم على مجالسة أهل الصلاح لعلك تسعد بسعادتهم وتسلم من معرتهم بخلاف أهل الشرع قد لا يسلم صاحبه منه يخونه في ماله ؛ يخونه في نفسه ؛ يخونه في أهله لا يأمن على دينه بينما أصحاب الصلاح أنت امنٌ على نفسك ودينك ومالك وجميع شأنك ولو لم يكن إلا أن مجالسة الصالحين هي طريق الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ومجالسة السيئين هي طريقة الشياطين المخالفة لدين رب.
اسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته والحمد لله رب العالمين.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃