القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [١١.٠٧.٢٠ ٢١:٣٧]
📒#فوائد_رمضانية_لعام_1441_هـ
▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الحجوري الزُّعكري حفظه الله.
📒فتح الخلاق ببيان جمل من محاسن ومساوئ الأخلاق.
♻️ #الفائدة 22ــ الصبر والعجز والتسخط .
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه ومجتباه صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد:
في يومنا السادس والعشرين من رمضان 1441هـ نتكلم عن خلقين عظيمين احدهما يتصف به خلص المؤمنين والآخر دليلٌ على ضعف الإيمان بالقدر ويلحق صاحبه من الخور والضرر بقدر ما عنده منه ألا وهما:
الصبر و العجــز و التســــخط
أما الصبر فهو وصية الله لعبادة ولا احد أصبر على أذى يسمعه من الله يرزقهم ويعافيهم ثم يجعلون له الصاحبة والولد وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمره الله بالصبر لاسيما في بدء الدعوة وكثرة المخالفة والأذى والتكذيب قال الله عز وجل:
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾[المزمل:10] ؛ ﴿ وَاصبِر وَما صَبرُكَ إِلّا بِاللَّـهِ ﴾[النحل:127] ؛ ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾[الطور:48].
وقد قال الله عز وجل:
﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾[الزمر:10]
اجرٌ عظيم للصابرين على طاعة الله عز وجل ؛ للصابرين عن نواهي الله عز وجل ؛ للصابرين على أقدار الله عز وجل لان الصبر عند العلماء ينقسم إلى ما تقدم:
🍃 صبرٌ على طاعة الله.
🍃 وصبرٌ عن معصية الله
🍃 وصبرٌ على أقدار الله
وقد قال الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[آل عمران:200]
فالصبر من أوسع أبواب الفلاح فلا فلاح للمرء في الدارين إلا بملازمة الصبر والا لحقه الخسارة بقدر تفريطه في هذه الشعيرة العظيمة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« وَما أُعْطِيَ أَحَدٌ مِن عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ »
سبحان الله ما اعظم أعطية الله عز وجل للعباد وما اكثر ما ينعم الله عز وجل به على العباد ومع ذلك ما أعطي مثل الصبر نعم لان الصبر دليلٌ على الكرم والشجاعة ورباطة الجأش والإيمان بالقدر وغير ذلك.
فطلبك للعلم يحتاج إلى صبر ولابد والا أتتك السآمة وعملك بالعلم يحتاج إلى صبر ولابد والا لحقتك السآمة ودعوتك إلى العلم يحتاج إلى صبر والا لحقك الفتور لا سيما اذا كان المدعوون من المخالفين الذين تقل استجابتهم ولهذا قال الله عز وجل:
وَالْعَصْرِ ﴿١﴾ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿٢﴾ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿٣﴾.
#الصبر عون بعد عون الله عز وجل للفتى قال الله عز وجل:
﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾[البقرة:45]
انظر إلى موسى عليه السلام حين اشتد الأمر على بني إسرائيل أوصاهم بالصبر
﴿ قالَ موسى لِقَومِهِ استَعينوا بِاللَّـهِ وَاصبِروا إِنَّ الأَرضَ لِلَّـهِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ ﴾[الأعراف:128].
#فالأمر إلى الله ما عليك إلا أن تتصبر وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ تبكي على صبيٍ لها قال لها : اتَّقِي اللَّهَ، واصْبِرِي، قالَتْ: إلَيْكَ عَنِّي فإنَّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبَتِي، ولَمْ تَعْرِفْهُ، فقِيلَ لَهَا: إنَّه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَتْ بَابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقالَ: إنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى.
#فعلى المسلم أن يحقق هذه الشعيرة العظيمة في جميع شأنه فالنصر مع الصبر والفرج يأتي بعد الصبر وعجباً لشأن المسلم والمؤمن في حياته كما في حديث صهيب رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« عجبًا لأمرِ المؤمنِ إنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ إنْ أصابَتْه سرَّاءُ شكَر وإنْ أصابَتْه ضرَّاءُ صبَر وكان خيرًا له وليس ذلك لأحدٍ إلَّا للمؤمنِ »
حياة المؤمن على اكمل الحياة لأنه طائعٌ لله عز وجل في حال رخائه وشدته في حال سرائه وضرائه ؛ في حال غناه وفقره ؛ في جميع أحواله لهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الحال عجب لأن الناس على غير ذلك اذا أعطي لم يشكر واذا منع لم يصبر
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى ﴿٦﴾ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ﴿٧﴾[العلق]
كثير من الناس يقع منهم الطغيان اذا أعطاهم الله عز وجل وكثير من الناس اذا أبتلي بالقلة ونحو ذلك لحقه ذلك.
﴿ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾[الفجر:15]
ويقع منه البطر والأشر و الكبر و البغي و العناد و يدعي المكربات
﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾[الفجر:16]
اذا ضيق عليه في
القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [١١.٠٧.٢٠ ٢١:٣٧]
الرزق يقول ﴿ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ والواقع خلاف ذلك قد يكرم الله عز وجل بالرزق الدنيوي من شاء من عباده صالحاً أو طالحا وقد يمنع الله عز وجل بعض الرزق الدنيوي عن صالحٍ وطالحٍ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قوته في حالةٍ حتى قالت عائشة رضي الله عنها :
« إنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إلى الهِلَالِ ثَلَاثَةَ أهِلَّةٍ في شَهْرَيْنِ، وما أُوقِدَتْ في أبْيَاتِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَارٌ »
#فالدنيا يعطيها الله من يحب ومن لا يحب والدين و العلم والإيمان لا يكون إلا لمن يحب الله سبحانه وتعالى.
نعم عباد الله شاهدنا أن الإنسان يجب عليه أن يلازم الصبر اذا أراد الظفر في الدنيا والأخرة
﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾[الزمر:10]
الله أكبر ذكر الله عز وجل في الصدقات أنه يضاعفها إلى عشر أمثالها ؛ إلى سبعمائة ضعف لكن الصابر يوفى الأجر بغير حساب
﴿ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحظورًا ﴾[الإسراء:20]
فلابد للإنسان أن يجاهد نفسه في التصبر على أقدار الله فإنه اذا لم يصبر طاعةً لله عز وجل كان سلوه سلو البهائم لأن القدر يمضي يمضي سواءً صبرت أو لم يقع منك ذلك ؛ القدر سيمضي لكن إن لم تكن صابراً صبر الكرام؛ صبر الرجال سلوة سلو البهائم ويمضي القدر ولا تؤجر بل يلحقك الضرر اذا وقع التسخط قال النبي صلى الله عليه وسلم:
#« ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، أوْ شَقَّ الجُيُوبَ، أوْ دَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ »
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
« والنَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِها، تُقامُ يَومَ القِيامَةِ وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ»
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« ليس مِنَّا مَن حَلَقَ ولا خَرَقَ ولا صَلَقَ »
أي عند المصيبة فمهما أصبت بمصيبة فهي هينة أمام رضا الله عز وجل
﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾[التغابن:11]
من يؤمن بالله ويصبر على أقدار الله عز وجل يهدي قلبه ويوفقه لكل خير ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من العجز والكسل والبخل وغير ذلك من الأخلاق الذميمة التي ربما أدت إلى عدم الصبر على ما يكون للإنسان في هذه الحياة.
#فالله الله عباد الله عليك أن تكون مستعيناً بالله ؛ صابراً على أوامره ؛ مسارعاً في أدائها مبتعداً عن نواهيه وحذراً منها صابراً على أقداره إن بليت بموت الولد فقد ماتت لرسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ورقية وأم كلثوم وإبراهيم و القاسم وطاهر وماتت زوجته خديجة وقتل عمه حمزة وكم لحق من المصائب في هذا الباب ؛ قتل من أصحابه في يوم أحد سبعون صحابياً.
وإن كنت قد ابتليت بالفقر فقد أفتقر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لربما أكلوا أوراق الشجر ونقبت أقدامهم بسبب عدم وجود النعال ونحو ذلك.
وإن أصبت بالبعد و الغربة فقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وهي من أحب البقاع اليهم ؛ وإن أصبت بجراحاتٍ فقد أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي بجراحاتٍ في وجهه وهشمت البيضة على رأسه وجرح وجهه حتى كسرت ثناياه فلك أسوة ولك قدوة من سلفك واعظم ذلك من أصيب بمصيبة فليذكر مصابه بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أعظم مصيبة مات خيرة خلق الله وصفوة خلق الله.
#نعم ياعباد الله اصبر أيضاً على المرض ففيه كفارات وفيه رفع درجات وقد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يمرض الرجلان قال له ابن مسعود رضي الله عنه ذلك أن لك أجران قال: ذلك كذلك ؛ وهذا بابٌ عظيم على الإنسان أن يسلك فيه الوجه الشرعي في التصبر و الصبر و المصابرة يحتاج الإنسان أن يكون مجاهداً لنفسه على الصبر لأن من طبيعته الانتقام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :
﴿ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ ﴾[الأعراف:199]
وأخذ بها عمر رضي الله عنه حين سبه ذلك الرجل وفي الحديث
« مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ الْحُورِ شَاءَ »
وفيه كلام لكنه في الباب فالله الله عباد الله اصبروا في هذه الحياة الدنيا فإنها تزول قريباً وصابروا على ما انتم فيه فلابد من بذل الجهد والاستعانة بالله والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي بمكارم الأخلاق فإنها ملاك الصبر والتصبر واتقوا الله في جميع شأنكم تسعدوا بجزاء ربكم سبحانه وتعالى لكم في الدارين.
اسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وان يوفقنا لكل خير والحمد لله رب العالمين.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃