📚 أحسن الأقوال في بيان فضائل الأعمال الفائدة 5 ( فضل الإنفاق )
#تفريغ_أحسن_الأقوال_في_بيان_فضائل_الأعمال
▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الزعكري حفظه الله.
📢 مسجد الصحابة – بالغيضة – المهرة، اليمن حرسها الله.
🗓الأحد 11 / رمضان / 1444 هجرية
📚 أحسن الأقوال في بيان فضائل الأعمال
🎙 الفائدة 5 ( فضل الإنفاق )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدهُ ورسوله. ومن الأعمال الفضيلة ال… فيها من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لهُو الإنفاق في سبيل الله عز وجل سواء كانت النفقة الزكاة المفروضة الواجبة، التي هي أحد أركان الإسلام الخمسة، أو كانت النفقات الواجبات على الزوجات والأبناء والبنات والآباء والأمهات ومن في بابهم، أو كانت النفقات المستحبات في أوجه الخيرات فإن الله عز وجل قرن الصلاة التي هي حقه بالزكاةِ التي فرضها لحقِ عباده في مواطن كثيرة، وانظر إلى قول الله عز وجل: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وهكذا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهَ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}. {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(١٣٤)}. فذكر منهم المنفقين في أوجه الخيرات و المبرات فقال الله عز وجل: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاة} الآية. فعادة الناس محبة المال {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}، ولكن الإنسان عبدٌ للمال إذا أمسكه والمالُ في تصرفهِ إذا أنفقه أنت للمال إذا أمسكتهُ *** وإذا أنفقتهُ فالمال لك
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجهَ اللَّه إلاَّ أُجِرْتَ عليها حَتَّى مَا تَجْعلُ في فيِّ امرأَتِكَ»، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رجلًا عَلَيْهِ جبة مِنْ حَدِيد»، فذكر البخيل كلما أمسك كلما أشتدت عليه و المنفق كلما بسطت عليه حتى تعفو أثره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «من تصدق بعدل تمرةً من مال طيب ولا يقبل الله إلا طيبا إلا أخذها اللهُ بيمينهِ فتنمو في كف الرحمن كما ينمو فلو أحدكم أو فصيله»، وما من يوماً يُصبح العباد فيه إلا و ملائكة تدعو للمنفقين وتدعو على الممسكين عما يجب عليهم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا». فما زال الناس يتقربون إلى الله عز وجل بأنواعِ النفقات فيؤجرون عليها وما زال كثيراً منهم يبخلون بما فرض الله عز وجل عليهم فيلحقهم الإثم قال الله عز وجل: {وَقَالَ قَرِینُهُۥ هَـٰذَا مَا لَدَیَّ عَتِیدٌ (٢٣) أَلۡقِیَا فِی جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِیدࣲ (٢٤) مَّنَّاعࣲ لِّلۡخَیۡرِ مُعۡتَدࣲ مُّرِیبٍ (٢٥)}، يعني: منع الخير الذي أعطاهُ الله وأوجب الله عليه وفي المقابل حتى الذي لا يأمر بالإنفاق يلحقهُ الإثم {وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ} لا يحض على طعام المسكين ولا ينفق في أوجه الخير كما قال الله عزوجل: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} هؤلاء أيضاً مذمومون فالممدوح هو المنفق في أوجه الخير.
قال النبي ﷺ: «أفضل دينار يُنفقه الرجل دينار يُنفقه على نفسه في سبيل الله ثم دينار يُنفقه على أهله في سبيل الله ثم دينار يُنفقه على صاحبه في سبيل الله ثم دينار يُنفقه هكذا وهكذا». وقال النبيُّ ﷺ: «اليد العلياء خير من اليد السفلى». واليد العلياء: المنفقة، والسفلى الآخذة.
وقد غفر الله عز وجل لرجل من بني إسرائيل في شربة ماءٍ أعطاه لكلب قد لحقه العطش كما قال النبي ﷺ: «بينما رجلً يمشي بالطريق إذ وجد كلبًا يلهث من شدة العطش فنزل إلى البئر فنزع موقهُ فملئه ماء ثم أعطاه إياه، فشكر الله له فغفر الله له»، فإذا كان مثل هذا على هذا الكلب قد أدى إلى شكر الله عز وجل لهذا العبد فكيف بالمنفقين في أوجه الخيرات والمبرات على الطائعين لله والعابدين الموحدين له سبحانه وتعالى. فضيلة النفقه من أوجه عدة: منها أنها قرنت بفضيلة الصلاة، منها أنها من مبادئ ما نزل من أوامر الإسلام إذ أن الزكاة فرضة ورسول الله ﷺ في مكة وأول ما بدئ به في المدينة أن أخذ الزكاواة وأنفقها على المستحقين، وهكذا منها أنها من أركان الإسلام الخمسة، ومنها أنها أجمعت عليها جميع الديانات، ومنها أنها محبوبة إلى الله عز وجل فالله من وصفه: الكرم والجود والعطاء فيحب من عبده أن يكون كريمًا جوادً مِعطأً ولا يبقى مع الإنسان إلا ما أنفق كما في حديث عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت بشاةٍ فبقي كتفها فقالت يا رسول الله! ذهبت كُلها إلا كتفها، فقال النبي ﷺ: «بقيت كلها إلا كتفها». الذي ذهب للمساكين والفقراء والمحتاجين هو الباقي عند الله سبحانه وتعالى ينميه ويكثره {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ}، {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }، {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} آتت الخير العظيم ولهذا لقب الله عز وجل في الإنفاق مما نحب: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ}. انفق من الطيب من مالك وليست النفقات في الأموال فقط، بل في الجاه ابذل جاهك للمسلمين ابذل وقتك للمسلمين ابذل علمك للمسلمين، فكل ما كان المرء منفقًا مما أعطاه الله عز وجل من قليله و كثيره إلا أخلف الله عليه {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَالله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} تقرض الله مع أن الله غنى عنك لكن حين تُعطي المحتاج وتفرج كربة المكروب وتُنفس ما لحق بالمعطوب يُجازيك الله عز وجل بالجزاء العظيم، ويخلف الله عز وجل عليك في الدنيا والآخرة، بل من النفقات قضاء الحاجات بالدين فإذا أدنت أحدهم كان لك أجر عند الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أقرض مسلماً فلهُ كل يوم مثلهُ صدقة»، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «من أقرض مسلماً فلهُ كل يوم مثليهِ صدقة» قال بريدة يا رسول الله!: قلت: من أقرضَ مسلماً لهُ كل يوم مثلهُ صدقة ثم قلت من أقرض مسلماً لهُ كل يوم مثليهِ صدقة قال: «لهُ كل يوم مثلهُ صدقة قبل أن يحل الأجل وأما بعد أن يحل الأجل فلهُ كل يوم مثليهِ صدقة»، لو عمل الناس بمثل هذا الحديث ما وقعت بينهم شحنَاء وبغضاء من أجل تأخر قضاء الديون فربما كان لأحدهم ملايين عند أُناسٍ مُعدمين فيكون نائِمًا على فراشه والصدقات تكتب له فإذا انقضى الأجل لهُ بضعف ما عند الناس له، فيا عباد الله! علينا أن نسارع في مرضاة الله بما تيسر حتى بالقليل حتى البصلة كما قال بعض السلف حين سمعَ ما سمعَ من الأحاديث في فضل الصدقة: “كل امرئ تحت ظل صدقتهِ يوم القيامة فقال: تصدق ولو ببصلة”. وهكذا النساء المرأة تتصدق من مال زوجها ولهَا أجر والخازن الأمين لهُ أجر، حتى إهداء الشربة والملعقة والمرقة وغير ذلك فكيف بما تقضى بهِ الحاجات، يزوج بهِ العزاب وتبنى بهِ البيوت، ويشترى بهِ المراكب، وتقضى بهِ الديون. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر! إذا طبختَ مرقةً فأكثِر ماءها وتعاهد جيرانك» لأن ذلك من الصدقة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، وتلك المرأة التي كان معها ابنتاها ثم سألت عائشة رضي الله عنها فلم تجد إلا ثلاث تمرات فأخذت تمرةً لإحدى بناتها و تمرةً لإحدى بناتها ثم أخذت الثالثة لتأكلها فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا فشقتها بينهما بنصفين وناولت كل واحدة منهما جزءً فعجبت عائشة، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: «لقد أوجب الله تكرما منهُ سبحانهُ وتعالى لها بهَا الجنة وحرمها على النار» أنفقت على ابنتها على صغيرتها، فهذا أمر ممدوحٌ وقد جعل الله عز وجل بابًا من أبواب الجنة للمنفقين، للباذلين لما في أيديهم للمحتاجين، ورُبّ دينار يغلب آلف دينار. ذكروا أن بعض الناس اختلفوا في كرم بعض الصحابة فأرسلوا إلى كل واحد من يسألهُ شيئا فوصلوا عند أحدهم ولهُ مال كثير أعطى مائة وخمسين ألف وهو مبلغ كبير جدا في ذلك الزمان ثم وصلوا إلى الثاني فما وجدوا معهُ إلا خمس مائة دينار ناولها فقال لهُ عبده: يا سيدي هذا كثير قال: أعطه وهي التي في أيدينا ثم ذهبوا إلى بعضهم فما وجدوهُ يملك شيءً إلا ما كان من ذلك المال اليسير فأعطاهم إياه فقيل: دينار غلب آلف دينار لأن هذا تصدق بجميع ماله وذاك تصدق ببعض ماله وذاك تصدق بجزءٍ من ماله الله المستعان.