القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٧.٠٧.٢٠ ١٣:٣٨]
📒#فوائد_رمضانية_لعام_1441_هـ
▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الحجوري الزُّعكري حفظه الله.
📒فتح الخلاق ببيان جمل من محاسن ومساوئ الأخلاق.
♻️ الفائدة 18 ـ الدلالة على الخير والإرشاد إليه والتحذير من الشر والبعد عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد:
ها نحن في يوم الواحد والعشرين من شهر رمضان لعام 1441هـ
تمر بنا الأيام تترى وإنما … نساق إلى الآجال والعين تنظر.
فأنظروا كيف تمضي الأيام والليال والشهور والأعوام لكن من الذي يستفيد إلا من وفقه الله عز وجل لذلك
﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾[الفرقان:62]
ونذكر في هذا المجلس امرين مهمين احدهما بالفعل والثاني بالترك ألا وهو
[الدلالة على الخير والإرشاد إليه وعدم ترك ذلك]
لأن الدال على الخير متأسي بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وعامل بأمر الله عز وجل ومفتاح للخير ومغلاق للشر ولذلك قال الله عز وجل في وصف هذه الأمة:
﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ ؛لماذا؟
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾[آل عمران:110]
ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل الإيمان بالله مع أن الإيمان بالله هو المقدم رتبةً وحقاً لكن لان من اظهر علامات هذه الأمة هو الدلالة على الخير والإرشاد إليه والبعد عن الشر والتحذير منه ولذلك قال الله عز وجل:
﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[آل عمران:104].
اذاً الفلاح منوطٌ بهذا الأمر أن تكون عاملاً بالخير دالاً ومرشداً إليه وان تكون مبتعداً عن الشر محذراً ومنذراً منه بحيث يكون نفعك لنفسك ونفعك لغيرك.
قال الله عز وجل:
﴿ وَالْعَصْرِ ﴾ أقسم بالعصر الذي هو الدهر
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ كل إنسان في خسارة إلا من اتصف بالصفات المذكورة في هذه السورة
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ في نفسه أمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً وعمل الصالحات التي امر الله عز وجل بها على قدر المستطاع ومع غيره.
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ اذاً لا يكفي أن تقيم نفسك إياك إياك أن يتسلط عليك الشيطان بهذا الأمر نفسي نفسي ؛ديني لنفسي ودين الناس للناس ؛ لا الفوز في التواصي بالحق والتواصي بالصبر.
وهنيئاً لمن حقق هذا الأمر قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« الدالُّ على الخَيرِ له مِثلُ أجرِ فاعِلِهِ»
سبحان الله اذا كنت ترشد إلى الصلاة وتعلم الناس إياها وتحثهم عليها كيف اذا صلى بسبب نصحك وتوجيهك عشرة أو عشرون أو خمسون أو اقل أو اكثر يكون لك كأجرهم حافظت على الصدقة؛ على الصيام ؛ على التوحيد ؛ على الإسلام ؛ على جميع أنواع البر لك كأجر فاعله من غير أن ينقص من أجره شيء.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا، ومَن دَعا إلى ضَلالَةٍ، كانَ عليه مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن آثامِهِمْ شيئًا» في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فانظر إلى هذا الفضل العظيم تدعو إلى هدى لك اجر العمل بالهدى واجر الدعوة إلى الهدى واجر مثل أجور من تبعك على هذا الهدى ولو كان بعد موتك ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم اكثر الناس أجورا لكثرة من اتبعه واخذ بما بلغه من دين الله عز وجل.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في حديث جرير رضي الله عنه:
« مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ»
وقد قال الله عز وجل في شأن ذلك:
﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾[النحل:25].
فهذا امرٌ جلل امرٌ عظيم أن تكون دالاً إلى الخير مرشداً إليه فتؤجر ويهدي الله بك من شاء من عباده وأن تكون مبتعداً عن الشر محذراً منه فتؤجر ويهدي الله بك من شاء من عباده إذ أن مدار الدين على فعل المأمور وترك المحظور
ولذلك قال الله عز وجل:
﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾[البقرة:124]
قال العلماء ابتلاه بالأمر والنهي فأتى بالمأمور وترك المحظور حتى انه عليه الصلاة والسلام أراد أن يذبح ولده الوحيد حين أراه الله تلك
القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٧.٠٧.٢٠ ١٣:٣٨]
الرؤيا بالأمر بذبحه
﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾[الصافات:102]
فلشدة ملازمته للخير ودعوته إلى الخير أراد أن يذبح ولده امتثالاً لأمر الله ثم اكرمه الله بسلامة الولد وبشره بآخر ؛ فلا اكرم من إنسانٍ يلازم الخير والدلالة عليه ويحذر الشر والتحذير منه هذا حبيب الله ؛ هذا ولي الله ؛ هذا صفوة خلق الله.
قال الله عز وجل:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾[فصلت:33]
وليس بالشرط في الدلالة على الخير والتحذير من الشر والضير أن تكون عالماً وان كان العلماء هم المخاطبون أولاً بذلك
﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾[آل عمران:187]
وليس بالشرط أيضاً أن تكون داعياً وخطيباً مفوها بل على كل مسلم أن يكون أمراً بالمعروف دالاً إليه ناهياً عن المنكر ومحذراً منه كلٌ بقدر استطاعته وكلٌ على قدر علمه هذا يحذر ويأمر ببيته وذاك يحذر ويأمر في حارته وذلك يحذر ويأمر في مسجده وهو من باب التعاون على البر والتقوى وقد لعن الله بني إسرائيل لما تركوا الدلالة إلى الخير والإرشاد إليه والتحذير من الشر والبعد عنه
﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة:78ــ7 9]
فالله الله عباد الله في امتثال شرع الله والدين النصيحة والدين التعليم والتوجيه للخير بهذا أرسلت الرسل وأنزلت الكتب ولهذا شرع طلب العلم ورغب فيه والناس إن لم يجدوا من يدلهم إلى الخير وجدوا من يرشدهم إلى الشر والضير ولابد لان الحياة الدنيا لا تخلوا من نقيضين فاذا لم يزدد إيمانك قل واذا لم يزدد علمك قل واذا لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حصل العكس وتسلط الشيطان على الإنسان فلذلك لابد أن يجاهد الإنسان نفسه في الدلالة على الخير والإرشاد اليه والتحذير من الشر والبعد عنه هذا امرٌ لو سلكناه استقامت لنا حياتنا الدنيا واستقامت لنا حياتنا الأخرى لان الله عز وجل يجازي العبد على قدر عمله في هذه الدنيا انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر مع انهم أمام فتح وأمام عدو صائل ومع ذلك لم ينسى امر علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بالدلالة والإرشاد إلى الخير
« ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم فواللَّهِ لَإِنْ يَهدي اللَّهُ بكَ رجلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ»
خيرٌ لك من كثير من حطام الدنيا وامر النبي صلى الله عليه وسلم قائد السرية والجيش أن تكون دعوته للناس ابتداءً إلى الخير واذا نزلت بقومٍ فادعوهم أولاً إلى الإسلام فإن أجابوك فكف عنهم واقبل منهم هذا هو المراد أن يكون الإنسان دالاً على الخير مرشداً إليه ومحذراً من الشر أو مبتعداً عنه لا سيما في هذه الأيام التي هي من أخر الزمان حيث تغيرت الفطر وانتشر الشر.
حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:
قبل الساعة سِنِينَ خَدَّاعَةً يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ.
فاذا لم توجد الدلالة على الخير مع هذا الشر العظيم ومع تنكس الفطر وتغير المبادئ والقيم كيف سيكون الحال? كيف سيكون الحال?
ستجد من يدعو إلى الديمقراطية ولا نكير وآخر يدعو إلى التشبه بالكفار ولا نكير وثالث يدعو إلى البدعة ولا نكير ورابع يدعو إلى الزنا والفجور ولا نكير وخامس يدعو إلى الربا والزور ولا نكير اذاً يحصل الشر في البلاد والعباد فلابد من وجود من يدعو إلى الله عز وجل ولذلك قدر الله قدراً كونياً انه لا تزال طائفة على الحق من هذه الأمة يدعون إلى الخير ويرشدون إليه ويحذرون من الشر ولابد.
فاذا انتهت هذه الطائفة انتهت الدنيا لان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر أن ريحاً تخرج من قبل الشام ومن قبل اليمن فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته.
فإذا قبض الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؛ قبض الذين يدلون على الخير ويرشدون إليه عند ذلك يبقى في الأرض من لا يقولون الله الله لا يؤمنون برب ولا برسول وإنما يعبدون اللات و العزة وغير ذلك من الأصنام فعليهم تقوم الساعة فإن الساعة تقوم على شرار الخلق.
وإياك أن يمنعك من نصح الناس ودلالتهم إلى الخير أو تحذيرهم من الشر هيبتهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ فِي حَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ أَوْ سَمِعَهُ »
القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٧.٠٧.٢٠ ١٣:٣٨]
والله عزوجل يحذرنا من الإغترار بغطرسة الشيطان بأوليائه
﴿ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[آل عمران:175]
خاف الله وبادر لمرضات الله وإياك أن يتسلط عليك الشيطان ببعدك عن طريق الرحمن.
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الدالين إلى الخير المرشدين إليه وان يوفقنا لطاعته ومرضاته
والحمد لله رب العالمين