القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٧.٠٧.٢٠ ٠٨:٢٥]
📒#فوائد_رمضانية_لعام_1441_هـ
▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الحجوري الزُّعكري حفظه الله.
📒فتح الخلاق ببيان جمل من محاسن ومساوئ الأخلاق.
♻️ الفائدة 17_ القوة و الضعــف.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فها نحن في يوم العشرين من رمضان لعام 1441هـ
وهو المتمم للعشر الوسطى من هذا الشهر المبارك الكريم فينبغي للإنسان أن يكون مجتهداً فيما يأتي مستغفراً ونادماً على ما قصر فيما مضى.
ونتكلم اليوم عن امرين مختلفين احدهم ممدوحٌ ومحبوب والآخر مذموم ومبغوض ألا وهما
*[ القوة والضعف ]*
فالقوة من صفات الكمال ولهذا سمى الله عز وجل نفسه بالقوي أي ذي القوة فلا يعجزه شيء ولا يكرثه شيء
﴿ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾[البقرة:255].
﴿ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[الزمر:67].
فهو القوي في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله
﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾[الذاريات:58].
ثم إن الله عز وجل جعل النبوة والرسالة في الأنبياء والمرسلين وهما اقوى الناس عزيمة و أقواهم عملاً و أقواهم إخلاصاً و أقواهم شجاعة وأقواهم بذل وأقواهم عطاء
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كان في حديث أبي هريرة عند مسلم:
« المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفي كلٍّ خيرٌ »
مؤمنان كلاهما موحد لله ومصلي وصائم وحاج ومعتمر وغير ذلك من أبواب الخير إلا أن احدهما أقوى في استقامته؛ أقوى في علمه؛ أقوى في عمله؛ أقوى في تبليغه فهذا احب إلى الله لكثرة ما يتقرب به من الطاعات والقربات والمؤمن الضعيف وان كان فيه خير إلا انه دون ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول مرشداً للمؤمنين جميعاً في آخر الحديث
« احْرِصْ على ما يَنفعُكَ»
إياك أن تبقى على حالٍ واحد من الضعف والفتور والكسل ولكن احرص على ما ينفعك واستعن بالله على العمل لان الله عز وجل هو الذي يعين العبد فإذا أعانه قواه والهمه رشده وهداه.
ولذلك كان من المفروض علينا أن نقول في كل ركعة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾
وكان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً:
« اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»
عباد الله إن القوة الإيمانية مطلوبة من الرجال والنساء على حدٍ سواء؛ مطلوبة من جميع المكلفين في جميع سنوات تكليفهم ولذلك حين انزل الله عز وجل الكتاب على رسله أمرهم بالأخذ بقوة
﴿ يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾[مريم:12]
﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾[الأعراف:145]
فأمرهم الله عز وجل بالتمسك بهذا الدين بقوة لأن المتمسك بضعف يوشك أن يفتر وان يترك التمسك ؛ فعلى الإنسان أن يكون قوياً في أخذه بالدين.
ومن أمثلة ذلك الصلاة تظهر القوة فيها بالمحافظة عليها في أوقاتها ؛ بالإتيان بها على أوجه كمالها ؛بالمبادرة لها قبل كل عملٍ يحول بينك وبينها ؛ بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وعليها فقس.
فإذا أردت أن تكون قريباً من الله فكن قوياً في التمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على أن يكون أصحابه من الأقوياء في جميع شؤونهم ولذلك قال لعبد الله بن عمرو بن العاص:
« يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سفره
« وأعوذُ بكَ مِن الحَوْرِ بَعدَ الكَوْرِ »
يدعو الله عز وجل الثبات والتمسك بالدين بقوة والا يرجع إلى القهقرة لان الشيطان إنما يحرص على ضعيف الدين أما القوي فقد يحاط منه بتوفيق الله له وبكثرة أذكاره وصلواته وغير ذلك مما لا يجعل للشيطان عليه سبيلا
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾[الحجر:42]
بينما الضعيف يحرص عليه الشيطان جدا؛ الضعيف في العلم يأتيه بالبدع والخرافات؛ يأتيه بالشركيات؛ يأتيه بالبليات الضعيف في العمل ربما تسلط عليه الشيطان فاتاه بالشهوات والشبهات فيفسد عليه دينه ودنياه وأولاه وأخراه والناس في القيامة على قدر أعمالهم في الدنيا وعلى قدر قوتهم الإيمانية فبعضهم لا سيما على الصراط يمر كلمح البصر وبعضهم كشد الخيل وبعضهم كشد الرجال وبعضهم يجري جريا وبعضهم يمشي مشيا وبعضهم يزحف زحفا وبعضهم يكردس على وجه في نار جهنم.
فإياك أن تكون ضعيفاً في دينك ومن رحمة الله عز وجل بعباده انه لم يعلق الدين بالقوة البدنية وان كانت القوة البدنية مفيدة في جهاد الأعداء؛ مفيدة في أداء الفرائض والواجبات ؛ مفيدة في كثيرٍ من الأمور لان الصحة نعمة من الله يستطيع الإنسان بها أن يصل إلى كثير
القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٧.٠٧.٢٠ ٠٨:٢٥]
من الدرجات العظيمة ولذلك كان طور الإنسان على الضعف وعذر في ذلك الضعف ثم كان في أخر زمانه على الضعف وعذر في ذلك الضعف وإنما يؤاخذ على زمن قوته ونشاطه الذي فرط فيه
« لا تَزولُ قدَما عَبدٍ يومَ القِيامةِ حتَّى يُسأَلَ عن أربَعٍ : .. عَن عُمُرِهِ فيمَ أَفناهُ، ، وعَن شبابِهِ فيما أبلاهُ».
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾[الروم:54]
فالشاهد أن القوة الإيمانية مفيدة في الدنيا والآخرة والضعف الإيماني ضررٌ في الدنيا والآخرة انظر إلى من يشفع فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم في النار انظر فمن وجدت في قلبه مثقال ذرة من إيمان؛ مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار.
هؤلاء ضعف إيمانهم ومع ذلك أصحاب قوة الإيمان
«يدخل من امتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب»
وذكر في بعضها أن مع كل الف سبعين الف الشاهد أن الأقوياء دينياً هم الممدوحون وهم المقربون وهم المتابعون وهم المكرمون وهم المفضلون
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55 ﴾[القمر]
ما الذي أوصلهم إلى هذا المستوى? انه قوة الإيمان بعد توفيق الرحمن فإياك أيها العبد أن ترضى بالضعف الديني أبداً.
ويستطيع الإنسان أن يكون قوي الإيمان وهو طريح الفراش وهو مشلول وهو عاجز فقير وهو على أي حال قوة الإيمان لا تتعلق بالقوة البدنية فكم من إنسان يحمل الأطنان وما ذلك هو ضعيفٌ في إيمانه لا صلاة ولا صيام ولا حج ولا شيء من الأركان.
وكم من إنسان ضعيفٌ في بدنه ولكنه من المسارعين إلى رضى الرحمن سبحانه وتعالى فاكرم من الله عز وجل بدرجات أهل العرفان وكان من أهل الصلاح واهل الخير واهل المكارم في كل وقتٍ وزمان.
ولهذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى رجلين فقال لمن عنده ما تقول في هذا وما تقول في هذا فنظر الرجل إلى احدهما واذا به من كبار العرب ومن رجالات العرب المشهورين فقال هذا رجلٌ من عظماء العرب حريٌ إن قال أن يسمع لقوله وإن خطب أن يزوج وإن شفع أن يشفع قال وهذا ؛ قال: هذا رجل من ضعاف المسلمين؛ من ضعاف المسلمين بدنياً ومالياً و وجاهةً حري إن تكلم ألا يسمع له وإن خطب ألا يزوج وإن شفع ألا يشفع قال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الضعيف:
« لَهذا خيرٌ من ملءِ الأرضِ مثلَ هذا»
ضعيفٌ في بدنه ربما لو اقسم على الله لأبره أو ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الجنة الضعيف المتضعف الضعفاء المغلوبون ضعفاء في أبدانهم ولكنهم أقوياء في أعمالهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إِنَّهُ لَيأتِي الرَّجُلُ السَّمِينُ العظِيمُ يَوْمَ الْقِيامةِ لا يزنُ عِنْد اللَّه جنَاحَ بعُوضَةٍ»
بينما القوي في ماله ربما كانت ساقه مثل احد كما في قضية عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه انه صعد على شجرة الأراك وكان دقيق الساقين فضحك الصحابة من دقة ساقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
« أَتَضْحَكُونَ من دِقَّةِ ساقَيْهِ ! لهما في الميزانِ أثقلُ من أُحُدٍ»
اثقل من احد وكم هي فضائل الصديق رضي الله عنه لو وزنت أعماله بأعمال الثقلين خلا الأنبياء لرجحت بهن مع أنه كان ضعيفاً في بدنه حتى ربما أن ثوبه نزل من على حقوه من نحالة جسمه.
يا رسول الله إن ثوبي ينزل وانا أتعاهده قال لست منهم يا أبا بكر ولكن مع ذلك من اصبح اليوم صائما? قال أبو بكر: أنا ؛ قال :من اطعم فقيراً ? قال أبو بكر: أنا؛ من عاد مريضاً ? قال أبو بكر: أنا قال:
« ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ»
فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر أبواب الجنة الثمانية قال له أبو بكر:« هلْ يُدْعَى مِنْها كُلِّها أحَدٌ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: نَعَمْ، وأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ يا أبا بَكْرٍ»
الأمر عائدٌ إلى القوة الإيمانية إلى القوة التي تكون في طاعة الله عز وجل وأما ما سوى ذلك فهو حجة عليه اذا كنت تستخدم قواك في معصية الله عز وجل أو كنت ضعيفاً في دينك فهذا حجة عليك.
فخذها بقوة فهذا الدين يحتاج منا إلى تمسك بقوة والى دعوة بقوة والى عمل بقوة والى صبر بقوة والى شجاعة بقوة والى قوة في جميع شؤون الدين لا يحتاج منا إلى الضعف فكلما كنت قوياً كلما كنت محبوباً عند الله والعكس بالعكس.
اسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وان يوفقنا وإياكم لسبل مرضاته والحمد لله رب العالمين.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃