*(البيان لفساد قياس إخراج المصلي من المسجد على إخراج آكل الثوم والبصل)*

*(البيان لفساد قياس إخراج المصلي من المسجد على إخراج آكل الثوم والبصل)*

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد رأيت منشورا لبعضهم يجوز طرد بعض المصلين من المسجد لحصول الأذى عليه منهم قياسا على من أكل ثوما أو بصلا ورخصة النبي صلى الله عليه وسلم له في عدم حضور الجماعة لعدم أذية المسلمين:

فهذا قياس فاسد فقد صلى المنافقون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذيتهم بالقول والفعل ومخالفة الاعتقاد ولم يحصل لهم ذلك.
وهجر كعب بن مالك بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يمنع من المسجد.
وجاء علي بن أبي طالب في الخوارج أنه قال : ( لهم علينا ثلاث : ألا نبدأهم بقتال ما لم يقاتلونا ، وألا نمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيه اسمه ، وألا نحرمهم من الفيء ما دامت أيديهم مع أيدينا ) .
رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” ( 7 / 562 ) بإسناد حسن .

ومسألة آكل الثوم والبصل الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلي بعدم الدخول وليس إلينا في إخراجه إنما يلزمه هو أن لا يؤذي المسلمين ويتخلف ولا شيء عليه فإن قام ولي الأمر بمنعه فله ذلك.

ثم هؤلاء الذين يمنعون قد لا يكون فيهم ما اتهموا به أصلا إلا لخلاف شخصي.

ثم إن فتاوى العلماء في القياس قيدوه بمن يسب ويشتم وله رائحة مؤذية في المسجد وليس بالساكت الذي يريد الجماعة ولو كان مبتدعا فضلا عن أهل الخير والصلاح.

ثم إن هذا الأمر مع تقدير جوازه يكون لولي الأمر ومن في حكمه حتى لا تقع الخلافات.

ثم إن من عقيدة السلف صحة الصلاة خلف كل بر وفاجر من المسلمين وفي المقابل صحة صلاتهم خلف أهل السنة على فرض أن المصلي مبتدع.

فعلى من ابتلي بطرد المصلين من مسجده أن يتقي الله عزوجل فأخشى عليه من الدخول في عموم قول الله تعالى { وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن یُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِی خَرَابِهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن یَدۡخُلُوهَاۤ إِلَّا خَاۤىِٕفِینَۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١١٤]

ثم إن هذا المسجد مسبل للمسلمين فليس لقوم دون قوم وما قد علمنا على مر التأريخ من يطرد المصلين بحجة مخالفة المذهب أو الحال في الخلافات الشخصية.

ثم إن الناس لو قدر الخطأ فيهم يحتاجون إلى تألف لهم وتألف لغيرهم حتى لا تشوه الدعوة
وهنالك فرق بين دخول الداخل للصلاة وحضور مجالس العلم فإن قدر أنه مبتدع قد طرد السلف من حضور مجالسهم أما للصلاة فلا.

ثم إن طرد هؤلاء بسبب حضورهم أو زيارتهم لبعض مشايخ ودعاة أهل السنة فما الجريرة والذنب إذن والله المستعان.

فعلى من فعل هذا الأمر أن يتوب إلى الله عزوجل مما أحدثه في المخالفة في هذه المسألة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح.

أبو محمد الزُّعكري ٨ ربيع الأول ١٤٤٤