تفريغ خطبة جمعة بعنوان :🌿 صلاح العمل بحسن الأمل 🌿

📚 #خطبة_الجمعة

▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد بن يحيى الزُّعكري حفظه الله.

📢 مسجد الصحابة – بالغيضة – المهرة، اليمن حرسها الله.

🗓 بتاريخ الجمعة 23 / جمادى الأول / 1444 هجرية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد

تفريغ خطبة جمعة بعنوان :

*🌿 صلاح العمل بحسن الأمل 🌿*

✍️
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}

أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الحديث الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وإن ما توعدون لآت وماأنتم بمعجزين
عباد الله من يطع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد رشد ومن يعصي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد غوى
الله سبحانه وتعالي عليم حكيم ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )
بلى سبحانه وتعالى خلق الخلق وهداهم لما يصلح شأنهم (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )
وهذه أية تدل على عموم هداية الله عز وجل للمخلوقات سواء كانت من الحيوان البهيم أو كانت من المخلوق العليم ومن ذلك أن الله عز وجل جعل الأمل في قلب الإنسان الأمل يعيش به الانسان ينسى به الهموم وينسى به الغموم ويؤمل به الفرج ويرجو به السعادة إلا أن الناس في الأمل على حالين منهم من يجره أمله إلى معصية الله عز وجل وإلى سوء عمله ومنهم من يكون أمله سبب في صلاح عمله ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( يهرم ابن آدم وتشب معه خصلتان حب المال وطول الأمل ) وخط النبي صلى الله عليه وسلم خطا طويلا ثم خط خطا مربعا يحيط به ثم خط آخر فقال هذا الإنسان وهذا أمله الخط الطويل وهذا أجله الخط العرضي الذي يقطع الأمل
نعم عباد الله هذا الإنسان وهذا أمله بعيد وهذا أجله يقطعه قبل أن تنتهي آماله وقبل أن يحقق رغباته ونزواته ومطامعه
ونعود الى ما نحن بصدده من أن حسن الأمل سبب لإصلاح العمل وهذا في حق المؤمن نعم عباد الله الله عز وجل تعبد المؤمنين بعدم اليأس من روحه وعدم القنوط من رحمته بل عليهم أن يحققوا الثقة بالله عز وجل فالغائب سيعود والمريض سيشفى والفقير سيغنى والغريب ربما عاد إلى وطنه ومن شقي في هذه الدنيا سعد في الأخرى
الأمل العمل الصالح يرافق المؤمن
( يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )
غاب يوسف وعند كثير من الناس أنه مات لخبر إخوانه أنه مات وأكله الذئب ولكن الأمل في نفس يعقوب بعود ولده لثقته بوعد ربه وللقرائن التي دلت على حياة ولده ذهبت الأعوام ومع ذلك إذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله
لا تيأس فإن الله عز وجل إنما أمره إذا أراد شيء أن يقول له كن فيكون
لا تيأس مابين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال لا تقنط ولا تيأس وإن اشتد الخطب وعظم الكرب
إبراهيم عليه السلام تمالأ عليه قومه ولم يكن من أهل الإيمان من يناصره فأوقدوا له النيران ورموه فيها ولكن الأمل بالله عظيم وانتظار الفرج في قبل قلبه في موقع عظيم فلذلك حين القي في النار قال حسبي الله ونعم الوكيل فقال الله ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)
لا تيأس إجعل الأمل في الله عز وجل عظيم فبيده تصريف الأمور وبيده نواصي العباد
محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد قام عليه الكفار ولحق المسلمين من الهزيمة ماقتل فيها سبعون وجرح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مضى الكفار لشأنهم ثم قال لبعضهم لو رجعنا فاستأصلناهم فجاء الخبر إلى رسول صلى الله عليه وسلم ومن معه فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فإذا بقريش يقذف في قلوبها الرعب ويتفق فيما بينهم على العودة إلى مكة وتكون الغزوة من قابل فسلم الله المؤمنين وأعز الله الموحدين لاتيأس إن كنت لا تنجب فالأمر إلى الله عز وجل مكث زكريا عليه السلام حتى رق عظمه وشاب شعره وشاخت زوجته ومع ذلك ( رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ) فإذا به يبشر بالولد لا تيأس مهما طال مرضك فالأمر الى الله مرض أيوب حتى قلاه القريب والبعيد وتناثر لحم جسمه وإذا بالله عز وجل يعاجله بالعافية بدون طبيب نعم ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَوَهَبْنَا لَهُۥٓ أَهْلَهُۥ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ)
نعم عباد الله قام يغتسل وإذا بجراد من ذهب ينزل عليه وهو عريان في حمامه قال الله له ياأيوب ألم أكن أغنيتك عن مثل هذا قال بلى يارب ولكن لا غنى لي عن بركتك إذا وقعت في ضيقة مهما كانت فليكن أملك بالله عظيم إنسد الغار على ثلاثة من الصلحاء في ليلة مظلمة وفي أرض موحشة وفي ليلة ممطرة إنعدمت وسائل النجاة ولكن الأمل بالله في قلوبهم موجود ولهذا قالوا لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فجعلون يتوسلون إلى الله بالاعمال الصالحة وإذا بالصخرة تتزحزح وتسقط وتهوي ويخرجون للمشي وعادوا الى حياتهم من الذي انجاهم بعد الله سبحانه وتعالى إنه حسن الظن بالله إنه الأمل بالله عبد الله إياك أن تفقد الأمل بربك فإنك إن فعلت ذلك ضاق صدرك وساءت حالتك واشتد كربك وعظم حزنك وكثر غمك وربما لحقتك الامراض النفسية والأحوال الشقية فكن من أصحاب حسن الأمل يصلح لك بإذن االه عز وجل العمل.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ألا وإن أعظم ما نأمله مايكون في الاخرة مما أعده الله للمؤمنين وما أعده للموحدين مهما ضاقت علينا الدنيا وكثرت أحزانها وكثر همها وغمها فهي سجن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) فأملنا بالله عظيم وأملنا بالرب الكريم أن يغير هذا الحال إما في الدنيا وإما في الآخرة وهو أعظم ما يكون عليه الإنسان فال النبي صلى الله عليه وسلم (يؤتى بأبأس رجل من اهل الدنيا من أهل الجنة فيغمس غمسة واحدة في الجنة ثم يقال له يابن آدم هل مر بك شدة قط قال لا يارب مارأيت شدة قط ومانزلت بي شدة قط)
أيها المريض أيها الفقير أيها المغلوب أيها المقهور ليكن ظنك بالله عز وجل حسن وأنه يريد بك الخير إن العبد تكون له المنزلة في الجنة لايبلغها بكثرة صلاة لا صيام فيبتليه الله في نفسه في ماله في أهله حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة أملوا في ربكم الخير العظيم فإن ذلك من أسباب سعادتكم لابد لليل أن يصبح ولابد للظلام أن ينور ولابد للضيقة أن تذهب فأملوا في الله الأمل الحسن فإنه من أعظم العبادات ومن أجل القربات ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) وقال صلى الله عليه وسلم (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ) إن ظننت بالله المغفرة غفر لك ان ظننت بالله الإكرام أكرمك إن ظننت بالله الرحمة رحمك وإن ظننت به ضد ذلك ربما لحقك الشقاء فحقق حسن الأمل يارعاك الله ولاتيأس من روح الله

أعلل النفس بالامال أرقبها

ماأضيق النفس لولا فسحة الأمل

هكذا كلما اشتد عليك الحال علل نفسك بالآمال بقرب الله باستجابت الله للدعاء بأن الله لا يعجزه شيء بإن هذا البلاء لعله لرفع الدرجات ولتكفير السيئات عالج نفسك بالتوبة النصوح لعل الله عز وجل أن يذهب عنك مانزل بك كثير مما ينزل بنا سببه ذنوبنا سببه معاصينا سببه إعراضنا فليكن أملنا في الله أن يتجاوز عنا ولنبادر بالتوبة والإنابة والاستغفار غفر الله لي ولكم ورحمنا وإياكم والحمد لله رب العالمين .