القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٦.٠٧.٢٠ ٠٧:٣٦]
🔹🔸🔹
📒#فوائد_رمضانية_لعام_1441_هـ
▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الحجوري الزُّعكري حفظه الله.
📒فتح الخلاق ببيان جمل من محاسن ومساوئ الأخلاق.
♻️ الفائدة 16_ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد:
في يومنا هذا التاسع عشر من رمضان لعام 1441هـ نتكلم عن خلقين ما أحوج الناس إلى الاعتناء بأحدهما والبعد عن الثاني ألا وهما
[الأناة و العجلة].
النبي صلى الله عليه وسلم أمتدح اشج عبد قيس وقال: « إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يحبُّهُما اللهُ : الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ».
الحلم: الصفح و الصبر و التجاوز.
والأناة: عدم العجلة.
قال: يارسول الله جبلت عليهما؛ قال: نعم ؛ فحمد الله.
وفي الحديث « التَّأَنِّي من اللهِ ، و العَجَلةُ من الشيطانِ».
أي في كثير من الأمور لاسيما الغير شرعية التي ينبغي أن يبادر اليها كما سياتي إن شاء الله.
فالتأني سبب من أسباب التفكر في العواقب ومن تفكر في العاقبة غالباً يسلم فلو أن رجلاً اذا غضب على آخر تأنى في سبه ؛في ضربه ؛ في قتله ما حصل عليه ضرر بعد ساعة أو ساعتين يذهب ما في قلبه من الغضب ويعلم أن المسألة كانت أقل مما وقع فيه بل من عجيب شأن الطلاق الذي يقع فيه كثير من الناس بسبب عدم التأني والتزام الأمر النبوي فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الطلاق في طهرٍ جامعها فيه ونهى عن الطلاق في الحيض فلو أن رجلاً غاضب امرأته ثم وقع في نفسه أن يطلقها فكانت في حيضٍ فاستئنى ربما بعد الحيض عادت الأمور إلى مجاريها و ذهب ما في نفسه وإن كانت في طهر قد جامعها فيه يحتاج أن ينتظر حتى ينتهي ذلك الطهر ثم يكون بعده الحيض فيحرم عليه الطلاق في الحيض فلا يأتي الطهر الثاني إلا وقد ذهب ما في نفسه وربما كان الصلح بينهما فأغلب ما يقع بين الناس بسبب العجلة في اكثر ما يتعاملون به بينما لو أن كلٍ يستنئني بفكره ويستئني في تنفيده و يستئني في النظر إلى العواقب لحصل الخير العظيم.
التأني من الله ولذلك قال الله عزوجل: ﴿ خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍ ﴾ [الأنبياء:37].
الإنسان بطبيعته عجول في جميع شأنه لأنه لا يفكر في العواقب فلنعود انفسنا بارك الله فيكم التأني في معاملاتنا حتى لا يقع منا الندامة على ما يصدر منا من أفعال ولأن الشيطان حريصٌ على إدخال الحزن على الإنسان فإنه يعاجله في اكثر شؤونه.
بينما المسارعة الممدوحة والعجلة الممدوحة هي ما تكون في فعل الخيرات فهنا التأني لا يصلح بل التعجل والمسارعة هي الممدوحة.
﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة :148]؛ ﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾[ آل عمران:133] ؛ « بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا ».
فكل هذه أوامر من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وسلم على المسارعة والمبادرة إلى ما يؤدي إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى وربما كان النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله فإذا سمع النداء بالصلاة خرج كأنه لا يعرفهم.
وتقدم معنا قبل ليال حديث
« تَعجَّلوا الحَجَّ، فإنَّ أحَدَكم لا يَدْري ما يَعرِضُ له»
فإن الإنسان لا يدري لعله أن ينقطع يعجز ببدنه أو يعجز بماله أو يعجز لتخلف الأمن أو يعجز لما يحدث من الأمور التي قد تحول بينه وبين الطاعة والله عز وجل أمرنا أمراً جازماً بقوله:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾[آل عمران:133].
وقال: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ﴾[الحديد:21].
فأمر بالمسارعة وأمر بالمسابقة إلى الخيرات؛ إلى المبرات لأن الإنسان يسابق ما يطرأ عليه من الشواغل التي قد تحول بينه وبين طاعة الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»
فلا اغتنام لهذه الأمور إنما يكون بالمسارعة والمبادرة إلى اغتنام الأوقات والإكثار من الطاعات والقربات ففي شأن الدين المسابقة المسابقة وفي شأن الأمور الدنيوية على الإنسان أن يكون متأنياً غير مستعجل انظر إلى شأن النبي صلى الله عليه وسلم مع اسرى بدر أسر سبعين وكان قد قتل من المشركين سبعين فكان رأي عمر رضي الله عنه أن يقتلوا أسوة بمن سبقهم ورأيه كان صائباً بالنسبة لتأديب الكافرين والمشركين وكان رأي أبي بكر الاستئناء بهم لعل الله عز وجل أن يهديهم واخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر نعم قد عرض عليهم العذاب لكن قد عفا الله وكانت العاقبة للاستئناء حيث صار اكثر هؤلاء السبعين من أهل الإسلام انقذهم الله عز وجل من النار وصاروا نصرة لدين الإسلام.
فالاستئناء عاقبته طيبة؛ عاقبته حميدة سببٌ للنظر إلى العواقب بينم
القناة الرسمية للشيخ عبدالحميد بن يحيى الزُّعكُري, [٠٦.٠٧.٢٠ ٠٧:٣٦]
ا صاحب الطيش صاحب العجلة يكون مستعجلاً في قضاء الذي في ذهنه وربما لحقه الضرر الديني والدنيوي ولذلك قال عمر « إياك وعثرات الشباب» لان الشباب اكثر عجلة من الشيوخ ؛ الشيوخ قد ذهبت منهم حظوظ النفس وتعلموا من التجارب فاصبح يستأنِ في كثير من الأمور واضرب لكم مثلاً:
لو أن رجلاً له ولد وهو شاب في مجرد خطأ الولد يضرب ويؤدب وربما أدى ذلك إلى نفرة الولد بينما اذا قد كبر سنة تجد انه يصبر اكثر مما كان يصبر في أوائل حياته فيصبر ويوجه ولا يستعجل في التأديب ولذلك تجد كثير من الفلاح يلازمه.
فالشاهد أن زمن الشباب في الغالب زمن طيش عند كثيرٍ من الناس إلا ما رحم الله سبحانه وتعالى زمن عجلة في جميع شأنه بينما اذا قد كبر ونبل عقله استأنا في كثيرٍ من شأنه وربما حصل له الخير وحصل له الفلاح.
فالله الله أيها الأخوة في العمل بكل شيءٍ بحسبه اذا جاء نداء الله للصلاة نستعجل؛ اذا جاء امر الله بالصيام نستعجل؛ اذا جاء امر الله بالحج نستعجل ؛اذا جاء امر الله بالإنفاق في سبيل الله نستعجل؛ اذا جاء الأمر بالذكر نستعجل لا نسوف؛ أمور الطاعة لا تسوف وتقول في الغد ؛بعدين ؛ بعد كذا « بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ » واحب الأعمال إلى الله « الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا » وجاء في لفظ « في أوَّلِ وَقتِها».
مع أن هذه اللفظة لم تثبت لكن العمل عليها لان الإنسان يبادر بالطاعة ويتقرب إلى الله عز وجل بها وتبرأ ذمته بأدائها بينما اذا تأنى وتأخر ربما فاته الوقت وذهب عليه الخير والصلاة.
بينما في الأمور الدنيوية إياك والعجلة غلب الأناة ؛غلب التأني حتى تنظر إلى العواقب وحتى تنظر إلى الفوائد التي تقع عليك من هذا الأمر فإذا ما سلكنا هذا المسلك رجونا الخير العظيم.
أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الحديبية؛ شأن الحديبية الصحابة رضوان الله عليهم كانوا حريصين على دخول مكة ولو أدى ذلك إلى القتال لحرصهم على الخير وأمناً في الرؤية التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم
﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ ﴾[الفتح:27].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على مصلحة الإسلام والمسلمين فلذلك كاتب الكفار على شروطٍ في ظاهرها مجحفة باهل الإسلام ولكنها مع الصبر والتأني كان فيها نصر أهل الإسلام.
وُقِّعَ الصلح والمسلمون يبكون منه ويتألمون من وطأته وشروطه واذا بربنا عز وجل ينزل
﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾[الفتح:1].
قال عمر يا رسول الله أو فتح هو? قال نعم.
ولذلك كثير من أهل العلم يرى أن الفتح العظيم هو صلح الحديبية لان الكفار اعترفوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وفعلاً ما هي إلا ليال وأيام ويظهر بركة هذا الصلح وهذا التأني الذي حصل من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في دخول مكة تنازل الكفار عن مسألة رد من جاءهم من المسلمين بعدما أوقع فيهم أبو بصير؛ كذلك نسخ الله عز وجل رد المؤمنات إلى الكفار؛ كذلك وقع من الكفار نقض الصلح فكان بعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر أباحها الله عز وجل له بسبب نقضهم لهذا الصلح مكنه الله منهم.
فالأمور الدنيوية نحتاج فيها إلى الأناة كثيراً حتى ننظر إلى العواقب حتى الأمور الأخروية لا يجوز أن تأتي بالصلاة قبل وقتها ولا يجوز أن تعاجل الفطر قبل وقته كما انه لا يجوز أن تؤخر الفطر عن وقته فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر انه ليلة اسري به رأى أناساً معلقين في عراقيبهم تسيل أشداقهم دماً فقلت من هؤلاء يا جبريل? قال هؤلاء الذين يتعجلون الفطر قبل تحلت صومهم.
يتعجلون الفطر قبل تحلت صومهم فيعاقبون بأن تشرشر أشداقهم بهذا العذاب الأليم ويعلقون في عراقيبهم.
فإياك أن تستعجل امر الله قبل وقته وإياك أن تستعجل شعورك قبل وقتها عليك أن تلازم الأناة والحلم والأخلاق الكريمة المقربة من الله عز وجل والتأسي بالنبي صلى الله وسلم والبعد عن وسائل الشيطان في جرجرة الإنسان إلى الفتن.
والله المستعان والحمد لله رب العالمين
🍃🍃🍃🍃🍃