فانظر إلى هـذا المـل البليغ الذي بين الله عز وجل فيه حال المغتاب لإخوانه المسلمين، كآكل لحوم الميتات بل هو أسوأ من ذلك، والنبي ﷺ يقول: «مررت ليلة أُسري بي على أناس يخمشون وجوههم وصدورهم بأظافر من نحـاس فقلتُ: من هؤلاء يا جبريل!» قال:«هؤلاء الذين يقعون في أعراض الناس». أو كما قال ﷺ يقع في عرض المسلم بغيبة أو نميمة أو كذب أو بهت فيستحق هذا العذاب.
فقال ﷺ: «أتَدرونَ ما المُفلِسُ؟ إنَّ المُفلسَ من أُمَّتي مَن يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ، وزكاةٍ، ويأتي وقد شتَم هذا، وقذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضربَ هذا، فيُعْطَى هذا من حَسناتِه، وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حَسناتُه قبلَ أن يُقضَى ما عليهِ، أُخِذَ من خطاياهم، فطُرِحَتْ عليهِ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ»
وجاء الإعرابي إلى النبي ﷺ يسألونه هل علينا من حرج في كذا؟ قال: «أيها الناس إن الله وضع الحرج وإن أربى الربا أن يقع الرجل في عرض أخيه». العِرض يقع فيه في غيبته ويتكلم بما لا يحب وإن كان فيه.
قال النبي ﷺ في الغيبة: «ذِكْرُك أخاك بما يَكْرَهُ» قيل: أفرأيْتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: «إن كان فيه ما تقولُ فقد اغْتَبْتَه، وإن لم يكنْ فيه ما تقولُ فقد بهَتَّه».
فانظر يا وفقك الله! إذا كان قد منع من الكلام في أخيه المسلم في غيبته بما هو فيه، فكيف إذا تكلم بزيادة! أو مع كذب أو نحو ذلك!
فعلى المسلمين أن يتقوا الله عز وجل في هذه الجريرة العظيمة التي قد يتخلص الإنسان من كثير من الذنوب ويعجز عن التخلص منها.
والنبي ﷺ يقول: «إن الرجل لا يتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها من سخط الله يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه».
مصيبة هذه الجرائر وهذه العظائم أن يكون الإنسان طائعًا لله في كثير من الأشياء ثم يُذهب حسناته للناس بغيبتهم، بالكلام فيهم في الطعن في أعراضهم بالتحقير لهم بالإزدراء لهم إلى غير ذلك.
ذكرت عائشة رضي الله عنها إنسانًا عند النبي ﷺ و حاكته فقال: «ما أحب أن أحاكي ولي كذا وكذا» ثم ذكرت صفية وكأنها قللت من شأنها فقال ﷺ: «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته» كلمة لو مزجت بماء البحر ربما غيرته، وهذا دليل على عظيم حرمة الغيبة، وعلى شدة هذا الذنب التي لا تخلو منه المجالس إلا ما رحم الله، لاسيما مجالس القيل والقال ومجالس القات وغير ذلك من المجالس التي تكون على غير الرضا وعلى غير العلم والعمل.
فعلينا أن نجاهد أنفسنا وأن نؤدبها في السعي لترك هذه الجريرة وهذه العظيمة.
وقد ذكر عن عبد الله بن وهب رحمه الله أنه قال: “جعلت على نفسي إن اغتبت إنسانا أن أصوم يومًا، فكنت إذا اغتبت إنسانا صمت يومًا ثم طال علي ذلك، فجعلت على نفسي إن إذا اغتبت إنسانا أن أتصدق فلما كان المال عزيزًا تركت الغيبة”.
فإذا كان مثل هذا الإمام يذكر عن نفسه أن الغيبة لم يتركها إلا بشدة مجاهدة، فكيف بغيره الذين يتبرعون من الكلام في أعراض المسلمين بما فيهم تارة وبما ليس فيهم تارات، ربما يحمله على الكلام فيهم سوء الظن، والله المستعان.
وليس من الغيبة التحذير من المبطلين كأهل البدع ونحوهم.
وليس من الغيبة التظلم كأن يحتاج الإنسان أن يتظلم عند من ينصفه فيتكلم في الظالم.
وليس من الغيبة النصيحة كأن استنصح أحدهم في شخص يشارك في تجارة أو يُزَوَّج أو كذا وكذا وتعلم فيه ما يحتاج إلى بذل النصيحة، فيُنصح، نعم والله المستعان.
وليس من الغيبة المجاهر، المجاهر بالمعصية لا غيبة له هو نفسه قد جاهر بمعصيته ولم يتورع عن فضح نفسه فمثل هذا لا غيبة له.
ومع ذلك ينبغي للإنسان أن يترك الكلام في الناس وأن يشغل نفسه بما ينتفع به في دنياه وأخراه، والله المستعان.
#تفريغ_تحذير_أهل_الثبات_من_أهم_المنهيات▪️للشيخ أبي محمد عبدالحميد الزعكري حفظه الله. 📢 مسجد الصحابة – بالغيضة... تفريغ تحذير أهل الثبات من أهم المنهيات النهي 23 عن (كل ما يسبب الضرر الدنيوي والأخروي) اقرأ المزيد
تحذير أهل الثبات من أهم المنهيات النهي 22 عن ( الكبر ) #تفريغ_تحذير_أهل_الثبات_من_أهم_المنهيات ▪️للشيخ أبي محمد... تفريغ تحذير أهل الثبات من أهم المنهيات النهي 22 عن ( الكبر ) اقرأ المزيد
#تفريغ_تحذير_أهل_الثبات_من_أهم_المنهيات▪️للشيخ أبي محمد عبد الحميد الزعكري حفظه الله. 📢 مسجد الصحابة – بالغيضة... تفريغ تحذير أهل الثبات من أهم المنهيات النهي 21 عن (أكل مال اليتيم) اقرأ المزيد