#تفريغ_تحذير_أهل_الثبات_من_أهم_المنهيات
▪️للشيخ أبي محمد عبد الحميد الزعكري حفظه الله.
📢 مسجد الصحابة – بالغيضة – المهرة، اليمن حرسها الله.
🗓الجمعة 23 / رمضان / 1444 هجرية
📚 تحذير أهل الثبات من أهم المنهيات
🎙 النهي 17 عن ( الظلم )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ومن عظيم ما نهى الله عز وجل عنهُ: الظلم هذهِ الخلة والفعلة السيئة التي ما عصي الله عز وجل بمثلها، قال الله عز وجل مخبرًا عن لقمان عليه السلام: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)}، وقال الله عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (٨٢)} وكم أخبر الله عز وجل-عن الكافرين بأنهم ظالمون ودمدم الله عز وجل على قرى ودول بسبب ظلمهم {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (٣٠)}، {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣)}.
فيجب عليك أولًا: أن تتحرر من ظلم الشرك والكفر والمعاصي التي تخالف بها شرع الله {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} فحكِّم شرع الله في نفسك وفي غير، وهذا الديوان من المظالم الذي هو الشرك لا يغفره الله {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ}.
والنوع الثاني: من الظلم ظلم الإنسان لنفسه بٱرتكاب المحرمات وبالتقصير في الواجبات وصاحبه على خطر عظيم أدى بهِ الحال إن يترك ما أوجب الله عز وجل عليه أو يرتكب ما حرم الله عز وجل عليه، ومع ذلك هذا الديوان إذا كان من الأعمال التي بين العبد وبين الله قد يتجاوز الله فيها لاسيما لمن مات على الخير والإسلام والسنة.
والنوع الثالث من الظلم: الظلم فيما بين الناس أنفسهم فالظلم للحيوان البهيم فإن الله عز وجل حرم الظلم على نفسه وجعلهُ محرمًا بين العباد كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا»، فكم من إنسان فسدت حياته بسبب ظلمه ذهب ماله بسبب ظلمه قل عدده بسبب ظلمه وقد قال النبي ﷺ: «الظلم ظلمات يوم القيامة»، وقال النبي ﷺ لبيان خطر الظلم: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: يا رسول الله! المفلس ما لا دينار له ولا متاع. قال: «بل المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بحسنات» -في بعضها: «كالجبال»- «فيأتي وقد ضرب ظلم هذا وشتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته فإن فنية حسناته أخذَ من سيئاتهم ثم طرحت عليه» وقال النبي ﷺ: «من كان عنده لأخيه مظلمة» صغيرة أو كبيرة الحديث عام «فليتحلله قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إنما هي الحسنات والسيئات». وقال ﷺ: «من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه إلى سبع أراضين». وهكذا في الأعراض بالغيبة والنميمة والكذب والبهت كل هذا من الظلم وينال الإنسان جزاء ظلمه وإذا رأيت ربنا عز وجل يعطيك وأنت ظالم لنفسك ظالم لغيرك فاعلم أن ذلك استدراج وقد قال النبي ﷺ: «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ».
وكان الظالمون معرضون لاستجابة دعوات الله فيهم، قال النبي ﷺ: «واتَّقِ دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»، وقال النبي ﷺ: «ثلاثة لا ترد دعوتهم». وذكر منهم «المظلوم»، وذلك أن الظالم جرمهُ عظيم وذنبهُ كبير وإثمهُ واسع فكان مستحقًا لهذا الوعيد العظيم.
فيا عباد الله التحلل التحلل من المظالم قبل أن نوافي الله عز وجل بها فيتمنى أحدنا لو يخلص من ذنبٍ صغير قد ٱرتكبه فضلًا عن ذنوبٍ قال النبي ﷺ: «لَتُؤَدَّنَّ الحقوقُ إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاةِ الجَلْحاءِ من الشاة القَرْناءِ».
فإذا كان القود بين شاتين غير مكلفتين غير عاقلتين فكيف بك! وبي! ونحن نعلم حكم الله وحكم رسول الله ﷺ ثم نخالفه.
ومن الظلم العظيم: العقوق للوالدين وقطيعة الأرحام وأذى الجيران حتى قال قائلهم:
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً
عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ
لأن مثل هؤلاء ينبغي أن يكون بينهم التعاون والتصافي والمحبة والإحسان فانقلب الشأن وصار على أسوإ الأحوال والظلم بابهُ واسع يدخل في الأقوال قد تظلم بالقول ويدخل في الأفعال قد تظلم بالفعل، فالقتل من الظلم والضرب بغير مستحق من الظلم والسرقة من الظلم وكذلك السب من الظلم، قال النبي ﷺ: «المستبَّانِ ما قالا ! فعلى البادي منهما ما لم يعتدِ المظلومُ»، وهكذا سوء الظن من الظلم العظيم حين تسيء الظن بالمسلمين والنبي ﷺ يقول: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» وقبل ذلك قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.والحسد للمؤمنين من الظلم العظيم الذي قد يؤدي إلى إصابة المحسودِ بنوع ضرر في دينه أو في دنياه في صحته أو في ماله، فعلى الإنسان أن يكون حريصا جدا ألا يقع في الظلم، لا الظلم الذي بينه وبين الله وهو أشد أنواع الظلم: الشرك بالله عز وجل، ولا الظلم لنفسه وتفريط في الطاعات القربات {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} ظالم لنفسه يفسد عليها يسرف عليها يقصر فيها {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨)}.
وكذلك الظلم فيما بين العباد وهذا وقعهُ شديد فحقوق العباد مبنية على المشاحة وربما نامت عينك والمظلوم يدعو عليك فيقتص الله عز وجل من الظالم للمظلوم وإن لم يكن الاقتصاص في الدنيا كان في الأخرى وهو أشد وقعًا وأعظم خطرًا والله المستعان.
